عرض مشاركة واحدة
قديم 07-17-2016, 07:50 PM   #1




 
تاريخ التسجيل: May 2016
المشاركات: 454
معدل تقييم المستوى: 107
نور الحرف is on a distinguished road
افتراضي الحكمة من قصة سيدنا موسى مع ابنتي صاحب مدين

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
{ وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقَاء مَدْيَنَ قَالَ عَسَى رَبِّي أَن يَهْدِيَنِي سَوَاء السَّبِيلِ {22} وَلَمَّا وَرَدَ مَاء مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِّنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِن دُونِهِمُ امْرَأتَيْنِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاء وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ {23} فَسَقَى لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ {24} فَجَاءتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاء قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا فَلَمَّا جَاءهُ وَقَصَّ عَلَيْهِ الْقَصَصَ قَالَ لَا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ {25} قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ {26} قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَن تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْراً فَمِنْ عِندِكَ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ {27} قَالَ ذَلِكَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ أَيَّمَا الْأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ فَلَا عُدْوَانَ عَلَيَّ وَاللَّهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ {28} } سورة القصص

صَدَقَ اللهُ العَلىِّ العَظِيّم

***********************
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أحمدك ربيّ وأستعينك وأصلى وأسلم على خير خلقك وخاتم رسلك سيدنا محمد مسك الختام من رب الأنام ، عليه وآله أفضل الصلاة والسلام وأصلى وأسلم على جميع رُسلك وأنبيائك الكرام ، اما بعـد ..


من هو صاحب مدين

يقول ابن كثير رحمه الله : قد اختلفت المفسرون في هذا الرجل من هو؟ على أقوال أحدهما: أنه شعيب النبي عليه السلام الذي أرسل إلى أهل مدين وهذا هو المشهور عند كثير من العلماء، وقد قاله الحسن البصري وغير واحد، وقال آخرون: بل كان ابن أخي شعيب وقيل رجل مؤمن من قوم شعيب، وقال آخرون كان شعيب قبل زمان موسى عليه السلام بمدة طويلة لأنه قال لقومه" وما قوم لوط منكم ببعيد" وقد كان هلاك قوم لوط في زمن الخليل عليه السلام بنص القرآن، وقد علم أنه كان بين الخليل وموسى عليهما السلام مدة طويلة تزيد على أربعمائة سنة كما ذكره غير واحد، وما قيل أن شعيبا عاش مدة طويلة إنما هو والله أعلم احتراز من هذا الإشكال، ثم ذكر ابن كثير رحمه الله عددا ًمن المرجحات أنه ليس بالنبي شعيب عليه السلام.

الدروس والعبر والدلالات:
دعونا نعش مع هذه القصة القرآنية: {القصص: 22- 28 } من قصص النبي الكريم، والرسول العظيم موسى عليه السلام، لنتوقف ونتأمل ونتدبر ونستخرج بعض الدروس والعبر والمواقف والدلالات، لتشرق النفوس، وتعمر القلوب، وتستمتع العاطفة، ويقتنع العقل، وتسمو الروح، ويرتبط التدين الحق بالحياة العملية، وصدق الله حيث يقول ( نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا الْقُرْآنَ وَإِنْ كُنتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنْ الْغَافِلِينَ)){ يوسف: 3} .

الدرس الأول :
حسن الظن بالله ، والثقة فيه ، والإعتماد عليه .
قال تعالى : (( وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقَاءَ مَدْيَنَ قَالَ عَسَى رَبِّي أَنْ يَهْدِيَنِي سَوَآءَ السَّبِيل)) يقول عليه السلام وهو متوجه ناحية مدين لعل الله يرشدني إلى الطريق السوي الأقوم الذي يوصلني إلى مقصدي وغايتي قال المفسرون: خرج خائفاً بغير زاد ولا ظهر -مركب- وكان بين مصر ومدين مسيرةُ ثمانية أيام، ولم يكن له علمٌ بالطريق سوى حسن ظنه بربه، فبعث الله إليه ملكاً فأرشده إلى الطريق،وفعلاً حقق الله ما رجاه وأمّله، يقول ابن كثير:" ففعل الله به ذلك وهداه إلى الصراط المستقيم في الدنيا والآخرة فجعله هاديا ًمهديا ً".
وهذا درس عظيم نتعلمه من الأنبياء عليهم السلام ومن أتباعهم العظام على مرّ الزمان في حسن الظن بالله، وتفويض الأمر إليه، والله سبحانه لا يخلف ظن عبده به؛ فعن أبي هريرة رضيَ الله عنه، عن رسولِ الله أنَّهُ قال: "قال الله عَزَّ وَجَلَّ: أنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدي بي، وأنا مَعَهُ حَيْثُ يَذكُرُني"



الدرس الثاني :
المؤمن يهتم بحال الناس، و يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر.
قال تعالى ( وَلَمَّا وَرَدَ مآءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمْ امْرَأتَيْنِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا..))
إن المؤمن بالله يسأل عن حال الناس، ولا يسكت عن الأوضاع الخطأ، يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر،فسيدنا موسى عليه السلام لم يكتف برؤية المشهد؛رجال يستأثرون بالماء دون النساء،وامرأتان تبذلان جهدهما تذودان
و تكفكفان غنمهما أن ترد غنم أولئك الرعاة لئلا يؤذيا بل بادر بالسؤال والاستجواب.

الدرس الثالث:
خطورة اختلاط الرجال بالنساء وما ينتج عنه من مفاسد.
(( قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِير )) فالفتاتان فضلتا الانتظار والصبر ومدافعة الأغنام المندفعة صوب الماء،على مزاحمة الرجال،والاختلاط بهم، فالاختلاط شرٌّ محض يؤدي إلى شيوع البغاء، وقلة الحياء، وضياع الأعراض، وشيوع المنكرات، وفشوِّ الزنا، وغير ذلك من الموبقات العظيمة.

الدرس الرابع :
فائدة الاعتذار ، وإزالة الشبهة عن النفس .
ثم قالتا (وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ)) قال أبو حيان: "فيه اعتذارٍ لموسى عن مباشرتهما السقي بأنفسهما، وتنبيهٌ على أن أباهما لا يقدر على السقي لشيخوخته وكبره، واستعطافٌ لموسى على إعانتهما" .

الدرس الخامس :
المساعدة وقضاء الحوائج في حياة المسلم .
قال تعالى ( فَسَقَى لَهُمَا )) كانت هذه الإجابة العملية من سيدنا موسى عليه السلام، بعد مشاهدته لذلك المنظر، وسماعه لذلك الجواب، واستشعاره لمعاناتهما، تصرف تصرّف الرجل ذي المروءة والشهامة، الرجل الكريم الذي يعرف ما أوجب الله عليه وما يحب الله له" فَسَقَى لَهُمَا " وهذا هو حال المسلم مع الناس؛ مساعدة، وقضاء حوائج، ومواساة بالمال والنفس، وتقديم كل ما يستطيع.
***********************
يتبــــــــع :
نور الحرف غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس