الإستعداد لرمضان

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مبارك عليكم الشهر الفضيل أحبتي في الله .. وأعاننا الله على صيامه وقيامه

١/ عَنْ أَبِي هُرَيْرَة رضي الله عنه َ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
" مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا ؛ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ " رواه البخاريّ.
٢/ عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إيمَاناً واحتِسَاباً ؛ غُفِرَ لَهُ مَا تقَدّمَ مِنْ ذنبهِ " متّفقٌ عليه.
٣/ وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
" مَنْ قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إِيمَاناً وَاحْتِسَاباً ؛ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ".
فرُتِّبَ على الصلاة و الصيام و القيام .. أجرٌ عظيم
وهو مغفرة جميع ما مضى من الذنوب

واشترط لهذا الأجر عملين:
- الإيمان
- والاحتساب

فما هما .. وكيف نأتي بهما..؟
أولاً: إيماناً .. ما هو الإيمان؟!
هو التصديق بألوهية الله وربوبيته وأسمائه وصفاته، بمعنى التوحيد بأنواعه الثلاثة
ولابد من ممارسته عملياً .. كيف؟!

أولاً: الإيمان بالربوبيّة:
توحيد الله بأفعاله، وتربيته للخلق .. بنعمه وبما يجريه عليهم من الأقدار.
أثناء قراءة القران .. لابد من تدبّر الآيات وجعل الهدف من قراءة القرآن العِلْم عن الرحمن بجمع كل اسمائه وصفاته وأفعاله التي وردت في الكتاب، ومعرفة ماذا جاء في كل سورة من أخبار عنه سبحانه، وكتابتها وتكرارها على القلب والعقل وملئ النفس بها، ومعرفة:
بم وصف الله نفسه؟!
وما هي أفعاله؟!
وما هي الأسماء التي جاءت في كل سورة؟!
وسنجد أن الكتاب من أول سورة فيه إلى آخر سورة يخبرنا عن الله
وبالتالي علينا التّفَكّر بها في الكون، وفي أنفسنا
فكلّ ما مرّ الإنسان بفعل من أفعاله في حياته أو في الكون .. نطق بالتسبيح والتهليل والتعظيم لله
فنتدبر الآية القرآنية ونتفكر في الآية الكونية.
مثال: نقرأ في كتاب الله ..
﴿ أَلَمْ تَرَ إِلَى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ وَلَوْ شَاء لَجَعَلَهُ سَاكِناً ثُمَّ جَعَلْنَا الشَّمْسَ عَلَيْهِ دَلِيلاً * ثُمَّ قَبَضْنَاهُ إِلَيْنَا قَبْضاً يَسِيراً ﴾، الفرقان.
جاء اسم الرّبّ، وفعله مدَّ، وشاء، وجعلَ، وقبضَ، أربعة أفعال واسم في آية واحدة ..
فكلّ ما رأيت الظلّ وحركته .. اُنسبْ الفعل لله وسبِّحهُ وعظِّمهُ
وهكذا في كل آية عرَّفَكَ الله فيها بنفسه .. ما عليك إلا إذا رأيتها أن تنطق بالتسبيح، فتقوى في قلبك الربوبية.
عدم ملاحظتنا لهذا الأمر .. أضعَفَ الإيمان في قلوبنا، فحَمَلَنا على نِسبة أفعال الله لغيره، وحَملَنا على سوء الأدب مع الله .. فتجرأنا على أفعاله بالاستهزاء، والسّخَط، والاقتراحات .. وضعف الربوبيّة سبب لنا ضعف الألوهية.
ثانياً: الألوهية:
توحيد الله بأفعال العباد كالدعاء والصلاة والزكاة والإخلاص له وحده فيها.
ممارسة هذا التوحيد عملياً يكون ..
بالفزع إليه في كل مواقف الحياة.. إذا آمنت أنه وحده المتصرِّف في الكون فلا تفزع لغيره في السرّاء والضرّاء تلجأ لركنه الشديد .. وتبُثّ إليه شكواك وحاجتك وذنوبك وتحمده وتشكره .. وتجعل كل أعمالك خالصة له لا ترجو رضى غيره ولا تطلب إلا ثناؤه ويكون هو قِبلة قلبك.
ثالثاً: الأسماء والصفات:
هذا التوحيد يقوّي الربوبيّة بالأسماء الدالة على الربوبية،
ويقوّي الألوهية بالأسماء الدالة عليها،
وتعتَقِد بها كما جاءت وتتوجّه إلى الله بالدعاء بها
﴿ وَلِلّهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا﴾
ثم ترى آثارها في الكون فتنطق بالتّسبيح ..
فكلُّ جمالٍ ما هو إلا أثر من آثار اسمه الجميل،
وكلّ غِنى من آثار اسمه الغنيّ،
وكلّ قوّة من آثار اسمه القويّ،
وكل عِلمٍ من آثار اسمه العليم .. وهكذا
فتعيش واحداً في الأرضِ لواحدٍ في السماء ممارساً للتوحيد عملياً .. فيقوى بذلك الإيمان.
فتدخل لرمضان معظِّماً لله، ممتلئ قلبك بالإيمان .. فينالك الثّوَاب العظيم المترتِّب على صيام الشهر بإذن الله.
عوامل تساعد على زيادة الايمان:
١/ اجعل الحياة تأخذ منك ثلاثة أبعاد ..
البعد الدنيويّ،
والبعد التعبّديّ،
والبعد الأُخرَويّ.
فأنت تحتاج للماء .. اسعى للحصول عليه مستعيناً بالله
فإذا شربت .. احمد الله ، وتذكّر عطش الآخرة واسأله شربة هنيئة لا تظمأ بعدها أبداً.
أنت تقف في شمس .. ابحث عن الظل مستعيناً به
فإذا وجدته .. احمده واسأله أن يظلك تحت ظله يوم لا ظل إلا ظله.
ولا تنسيك الدنيا الآخرة ..
اجعل ذكرى الآخرة في قلبك طوال الوقت.. تكن على منهج الأنبياء
يقول الله في حقهم:
﴿ إِنَّا أَخْلَصْنَاهُم بِخَالِصَةٍ ذِكْرَى الدَّارِ ﴾.
٢/ مما يزيد الإيمان .. طوّع نفسك على العبادة في مواسم الطاعة التي نص عليها الكتاب والسنة ..
ففي اليوم اغتنم الغدوة والرّوْحة وشيء من الدّلجة،
وفي الأسبوع اغتنم يوم الجمعة،
وفي الشهر اغتنم الأيام البيض،
وفي السنة اغتنم الأشهر الحُرُم، ورمضان، والحج، ويوم عاشوراء، ويوم عرفة .. وهكذا
فالعبادة فيها ليست كالعبادة في غيرها، فلا تفوتك.
٣/ راقب نفسك بعد الدخول في أمور الدنيا ..
ولا تطيل المكوث فيها
وإذا اضّطررت للدخول في الدنيا .. اخرج مستغفراً منكسراً ذليلاً راجياً أن يعوّضك الله ما فاتك خائفاً على قلبك من الانفلات وضعف الإيمان
﴿ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ﴾.
٤/ ألِحْ على الله بزيادة الإيمان والثبات عليه حتى تلقاه ..

مؤشّرات زيادة الإيمان:
أ- ذكرى الدّار ..
تحمِل همّ الآخرة وتفكِّر فيها وتسأل الله أن يهوّن عليك الموت، والقبر، والأهوال، والصراط، والوقوف بين يديه للعرض والحساب .. وتحمِل هم هل أنت ممن تُحسَن خاتمته ويأخذ كتابه بيمينه أم لا !؟.
ب- التصوّر الحقيقي للدنيا، وتغيير نمط الحياة على هذا الأساس ..
فتشغل صحتك وفراغك للآخرة، وتشعُر أنه لا عيش إلا عيش الآخرة، وعلى هذا حبالٌ داخل النفس ستُقطَع وحبالٌ أخرى تمتدّ على هذا الأساس.
ج- تعرِف مقاصد العبادات ..
وتأتي بالمقصد من كل عبادة، ولا تكن العبادات مجرد حركات وعادات، فتعرف المقصد من الوضوء، والصلاة، والصيام، والحجّ، والصدقات، والذِّكْر، وقراءة القرآن .. وبهذا تكون الطاعات سبباً لزيادة الإيمان.

ثانياً: احتساباً .. ما هو الاحتساب؟!
تعمل الطاعة وتجمع في قلبك طلب الثواب المترتِّب عليها يوم القيامة، ولا تستعجل الأجور في الدنيا
﴿ وَمَن يُرِدْ ثَوَابَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَن يُرِدْ ثَوَابَ الْآخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْهَا ۚ وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ ﴾.
فوائد الاحتساب:
١/ دليل على تذكُّر الآخرة والإيمان بها إيماناً يقينيّاً حمَلَكَ على طلبِ الثّوابِ وأنك تحمِلُ همّها وتريد الأمان فيها.
٢/ مضاعفة الأجر، فمن يحتسِب أجره أعظمُ ممن لا يحتسِب
﴿ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ ﴾
فمن يؤدّي الصلاة في وقتها طلباً لحُبِّ الله لأنّ أحَبّ الأعمال إلى الله الصلاة في وقتها .. ليس كمن يصلي في الوقت تخلّصاً أو ليتفرّغ للمسلسل.
٣/ الاحتساب يجعلك تسلك طريق الإحسان في الطاعة وتؤدّيها على أكمل وجه .. حرصاً على الأجر المترتِّب وتحذر كل ما يبطل العمل ويحرمك الأجر.
٤/ الاحتساب يحوّل العادة الى عبادة .. وعدمه يجعل العبادة مجرد عادة.
٥/ الاحتساب يحقق الخلاص من الرياء .. فلا ينظر العبد إلا إلى الثّواب ويكره نظر الناس ومدحهم له.

مما يساعد على زيادة الإيمان والاحتساب عبادة عظيمة .. ألا وهي عبادة (الصّمت)
" مَنْ كانَ يُؤمِنُ بِاللهِ واليَومِ الآخِرِ فليَقُلْ خَيراً أو لِيَصمُتْ "
" مِنْ حُسْنِ إِسْلاَمِ الْمَرْءِ تَرْكُهُ مَا لاَ يَعْنِيهِ "
فإذا انشغل الإنسان بما لا يعنيه .. انشغل عما يعنيه


تمّ بحمد الله
أسأل الله العظيم أن يعلّمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا ويزيدنا علماً، وأن يعيننا على الصّيام والقيام.

بارك الله فيك غاليتي رياح وجزاك خير الجزاء على الموضوع القيم
وكل رمضان وانت لله اقرب وجعلنا وياك من المقبولين والمغفور لهم ان شاء الله
لك ودي وتقديري

امين واياك
الله يعافيك ريم الفلا

شاكرة لك مرورك الكريم
__________________

بورك فيك وفي موضوعك

وجعلنا جميعاً من المقبولين فيه