منتديات الويلان - اٍنهم أوغاد ياسيدي اٍنهم أوغاد ...؟

أجهد نفسه كثيراً وهو يعتصر البقية الباقية من سيجارته بإصبعيه ليمتص خلاصة التبغ المشبع بالقطران والنيكوتين، وكانت النتيجة النهائية لهذا الامتصاص النهم سحابة خانقة من أخبث الروائح الصناعية التي اخترعها الإنسان، ليقتل بها نفسه والمحيطين به عبر ما يعرف بالتدخين السلبي، تنهد بعد أن سحق عقب هذا العود القاتل في كوبٍ بلاستيكي ليقول لي بمرارةٍ : إنهم أوغاد يا سيدي إنهم أو غاد .

قلت : من ؟

قال لي : الأمريكان .

سألته : ولم ؟

أجابني : لم يكتفوا بقتلي وقتل الشعوب المطحونة بهذه السجائر اللعينة، بل قدموا إلينا بجيوشهم وعتادهم ليمرغوا كرامة الأمة في الأرض، ويقصفوا أعمار شوارب الرجال بالحصار الاقتصادي الخانق، والتلويح بعصا العقوبات الاقتصادية، إنهم كالوباء الذي لا يخلف إلا الفناء، إنهم إذا دخلوا قريةً أفسدوها وجعلوا أعزة أهلها أذلةً، أفغانستان تشهد، والعراق يبكي، والشام يترقب، ومصر تستجدي، وباكستان تبيع وتلعق، تنهد في قسوةٍ بالغةٍ وأخرج سيجارةً أخرى ليشعلها وينفث دخانها في الهواء كقاطرةٍ بخاريةٍ قديمةٍ، هدها السير، وأثخنها العمل، ثم قال : إنهم أوغاد يا سيدي، إنهم أوغاد .

قلت : الأمريكان ؟

أجاب : بل البريطان !!

قلت : تقصد البريطانيين ؟

قال : بل البريطان !

قلت : لماذا قلت البريطان !؟

أجاب : حتى يستقيم سجعها مع الأمريكان !! البريطان يا سيدي شعب سيء للغاية، لا يملكون من مقومات الحياة إلا عجرفةً سمجةً، وبروداً قاتلاً، وفضولاً ثقيلاً أوردهم المهالك، ما الذي أتى بهم إلى بلاد الأفغان والعراق ؟ ولماذا يحرصون على دس أنوفهم في كل قضيةٍ عربيةٍ أو إسلاميةٍ ؟ بدأً ببيع فلسطين، وانتهاء بتزويد طائرات الأمريكان بالوقود لقصف خليج سرتٍ الليبي !! يا للأوغاد، يا للأوغاد .

قلت : البريطانيين ! أقصد البريطان ؟

قال : بل اليابانيين !

قاطعت باستنكارٍ : اليابانيين ؟

أجابني : نعم اليابان، رأس الشيطان الأصفر، مخلوقات طفيلية، مسخ الله أبصارهم وقاماتهم، حرقوا الصين، وقصفوا الفلبين، وداسوا كرامة سنغافورة، واحتلوا البحار، بل وقصفوا أمريكا في عقر دارها، وما هي إلا صفعة أمريكية في هيروشيما، ولكمة في نجازاكي ليدوروا في فلك أمريكا وقد أغناهم الله من فضله، لكنها العمالة التي لا مبرر لها، إيه لو كان آخر الساموراي على قيد الحياة، لما تجرأ الوغد كويزومي على أن ينصب خيمته في العراق، ليقول في وقاحةٍ : لن نسحب قواتنا إلا إذ اسحب البريطان قواتهم، منظومة أوغادٍ متكاملة .

سألته : وماذا عن الإسرائيليين ؟

قال : قردة خاسئين، حملت بهم أمريكا سفاحاً، والمجرم الذي أحبلها بلفور الشؤم، والقابلة التي باشرت عملية الولادة كانت خائنة عربيةً، تدين للغرب بالعمالة، إنهم أوغاد أوغاد .

قلت : العرب ؟

أجاب : بل البلاشفة الروس، لقد ارتكبوا الموبقات في الشيشان وطاجيكستان، هجَر عظيمهم جوزيف ستالين إخواننا من شبه جزيرة القرم إلى قلب سيبيريا، وقتل منا أكثر من عشرين مليوناً، وحول مساجدنا هناك إلى إسطبلاتٍ وخماراتٍ، يا للأوغاد، يا للأوغاد، يا للأوغاد .

قلت : الروس ؟

قال : بل كتاب صحفنا من المرتزقة، الذين يقبضون بالريال والدولار والتومان الإيراني والتكا البنغالية، إنهم ...... قاطعه صوت مساعده : سيدي، جاءنا وفد غربي من الأمريكان والبريطانيين، وجروباً سياحياً متكاملاً من اليابانيين والإسرائيليين والروس !! لقد اشتعل السوق يا سيدي .

تنهد قليلاً، ثم سحب نفساً عميقاً جداً جداً جداً من سيجارته، لينفث سمها في وجهي، أصابتني نوبة سعالٍ قاتلةٍ من جراء تصرفه غير المهذب ليقول لي : إننا أوغاد يا سيدي إننا أوغاد !

غالبت نوبة سعالي القاتلة وأنا أسأله مستنكراً : لماذا ؟

أجابني : لأن الله تعالى أحل البيع وحرم الربا، والجوع كافر، والحياة أقوى، والرزق يحب الخفية، ثم داس على سيجارته، ورفع عقيرته، تفضلوا تفضلوا حياكم الله، رحب بهم بإنجليزيته الركيكة، ويلكم ويلكم ويلكم، مرهباً مرهباً مرهباً، ألف مرهبٍ بعيال العم، من يهودٍ ونصارى ووثنيين وعيال الكلب !! ترى المغاسل وراكم، أقصد : أجود أنواع التحف ( بيهاند يو ) خلفكم تماماً، شرفتم محلي وعمرتم داري، الله يعمر بيتكم، ويخرب بيت اللي يبي يخرب بيتكم من الإسلاماويين وبني صحوةٍ !!

سألته في استنكارٍ : والأمة يا أستاذ ؟

أجاب : but the dollar is talking

منقول ...... للمبدع .. الخفاش الأسود .....