منتديات الويلان - مواطن العشائر الرحالة في البوادي الثلاث

مواطن العشائر الرحالة في البوادي الثلاث

عندما كان العراق جزءاً من الإمبراطورية العثمانية وليس هنالك أية حدود بين ولايات هذه الإمبراطورية فإن عشيرة عنزة بشتى فروعها وأفخاذها كانت تتجول في البادية التي كانت تعرف ببادية الشام وبعد أن فصلت البلاد العربية وتكونت فيها دول دخل قسم من هذه البادية ضمن الحدود العراقية وبالنظر لسعة هذه المنطقة وإمتدادها من بادية الرطبة وحدود العراق مع سورية وشرقي الأردن شمالاً إلى الصحراء العراقية الكويتية السعودية جنوباً مما يلي الأراضي المعمورة من ألوية الدليم وكربلاء والديوانية والمنتفك ولغرض حفظ الأمن في هذه البادية المترامية الأطراف فقد قسمت إلى باديتين إصطلح على تسمية الأولى منها البادية الشمالية والثانية البادية الجنوبية.

وحيث أن الباديتين الشمالية والجنوبية كانتا منذ القديم موطناً لعشائر عنزة وهي (ديرتهم) منذ مئات السنين فقد أقرت وزارة الداخلية منذ أمد طويل جعلها منطقة تجوالهم، أما البادية الشمالية ومقرها الرطبة فقد جعلت موطناً لعشيرة العمارات من عشائر عنزة التي يرأسها الشيخ محروت الهذال الذي هو الرئيس العمومي لعشائر عنزة. أما البادية الجنوبية ومقرها (نقرة السلمان) فقد جعلت موطناً لعشيرة الدهامشة التي هي فخذ من عنزة.

أما بادية الجزيرة التي أحدثت سنة 1945 بموجب بيان وزارة الداخلية فقد جعلت موطناً لعشيرة شمر وفي موسم الرعي يجوز إختلاط الجميع في البوادي فيما إذا أجدبت الصحراء من جهة وأينعت في جهة أخرى. ولكن الغالب أن عنزة ترتاد وتصطاف في الشامية. وشمّر ترتاد الجزيرة وهذه الترتيبات وضعت من قبل وزارة الداخلية خوفاً من إحتكاك العشيرتين فيما إذا إجتمعتا معاً على صعيد واحد أما في حالة عبور إحدى العشيرتين إلى منطقة نفوذ الأخرى بلا سبب ملجىء فإنه يعطي فكرة أن هناك نيه مبيتة للإحتكاك والإصطدام.

أما عشيرة الظفير فإنها ترتاد المنطقة الواقعة بين المنتفك والبصرة ونجد ضمن البادية الجنوبية وهذه (ديرتها) منذ مئات السنين.

ومن المشاكل الأخرى التي تشغل بال السلطات الإدارية الآن ما يحيق بطراز سكنى عشيرة عنزة من إضطراب ظل يلازمها منذ أن وجدت على ظهر الأرض ولم يتسنّ لها أن تجاري أبسط مظاهر الحضارة فبقيت تحيا حياة البداوة وتعيش في القفار والبراري، منها من آثر السكنى في البادية الشمالية وهي قبيلة (الجبل) ومنها من لازم البادية الجنوبية وهي قبيلة الدهامشة وإتخذت من بادية السماوة وصحراء النجف والصحارى المتصلة بلواء كربلاء مستقراً لها بعد أن قصرت حياتها على تربية الإبل والخيل والمواشي شأنها في ذلك شأن قبيلة الجبل وهي تنتقل بمواسم وظروف شتى حسب حاجتها للكلأ. ونحسب أن الوقت قد حان لمسايرة رغبة هذه العشيرة في التوطن والإنصراف إلى الزراعة وقد أعرب رئيسها الشيخ محروت الهذال عن رغبته هذه ورغبة عشيرته في التوطن والزراعة غير مرة في مراجعاته العديدة لمختلف الدوائر الرسمية ذات الإختصاص. ويبدو أن هذه الرغبة تستقيم مع المصلحة العامة في إسكان هذه العشائر الرحالة وتحضيرها ومن دراسة الموضوع من نواحيه المبدئية فإن أراضي البادية الشمالية والجنوبية حيث هي موطن قبيلة الدهامشة من عشائر عنزة كما ذكرنا، صالحة للإستيطان إذا ما توفرت المياه.

فارس عنزة