علوش العنزي ( قصة و قصيدة )
[align=center]
كان مجلس محمد العبدالله الرشيد يجمع شيوخ القبائل و الشعراء و الفرسان و
الوجهاء في حايل ... في احد الايام التي كان فيها مجلس محمد العبدالله الرشيد مليء
بالشيوخ و الوجهاء و الشعراء ... امر محمد الرشيد بأن تصب القهوة للضيوف و
الجلوس ... و كما هي العادة يقوم صبابين القهوة بالبدء بمن هم على يمين الامير
لأهميتهم ... و كان ممن على الجهة اليمنى ( ليس على يمين الامير مباشرة ... و
لكن ليس ببعيد عنه) شخص يدعى علوش بن ظويهر العنزي ... و علوش كان
رجلا عارفا بأمور القهوة و بطعمها و يعرف طعمها اذا دخله شيئا غريب ... وكذلك
كان هناك بعض الرجال عارفين بأمور القهوة وصنعها ممن كانوا جلوساً في
مجلس الامير محمد العبدالله الرشيد ... و صل فنجان القهوة لعلوش .. فعندما
رشف منه رشفة و احس بطعم غير معتاد في القهوة ... فماذا فعل ؟ ..... فهق
المسند الذي خلفه و ابعده عن الجدار و سكب فنجان القهوة على الارض ... و هذا
الفعل يعتبر في سلوم العرب ( عرف العرب ) عيب و اهانة لصاحب المجلس ... و
اثناء هذا رأه ابن رشيد ... و بادر ابن رشيد بصوت جهوري مرتفع ... و بلهجة
أهل الشمال : وراك تسفيت الفنجال يا علوش ؟! ... ( أي لماذا سكب الفنجان و لم
تشربه ) فأجابه علوش : و الله مالي نظر بالقهوة اليوم يا طويل العمر ( أي ليس
لي خاطر في شرب القهوة هذا اليوم ) ... فرد عليه ابن رشيد بغضب اكبر: و شلون
مالك نظر وانت كل يوم تشرب منها ؟! فطلب علوش السماح من ابن رشيد ليتكلم...
فسمح له ابن رشيد ... فقال علوش : القهوة صايدة يا طويل العمر ( أي ان
القهوة تحتوي على طعم غريب ... اثر دخول شي ما عند طبخها ) ... فأستغرب ابن
رشيد و قال وهو غاضباً : صايدة ... و شلون صايدة؟! ..... فرد علوش بثقه : ايه
نعم صايدة قعسي ( القعسي حشرة صغيرة سوداء اكبر من النملة بقليل ) و ان ما
كانت قهوتك صايدة ... رقبتي لك رهينة ... أي بمعنى انه تحدى الامير ابن رشيد و
اعطى رقبته رهناً لما يقول و اثبات لصحة كلامه ... في هذه اللحظة و المجلس
يسوده الصمت الا صوتي علوش و الامير ابن رشيد ... فأمر ابن رشيد بأن يؤتى
بالدلة و تصب القهوة بالقدر و ان يوضع ليف لكي يتم تصفية القهوة عن البن و ما
شابهه ... و بالفعل قام القهوجي ( الشخص الذي يصب القهوة ) بصب القهوة على
الليف و القدر تحتهما ... و قام ابن رشيد بتحريك البن الذي كان يتجمع على الليف
بواسطة عوداً كان بيده ... و بالفعل وجد حشرة القعسي مهترئه كأنها ورقة شاي
سوداء .... هنا إلتفت ابن رشيد على علوش و سأله بأستغراب : وشلون عرفت ان
القهوة بها قعسي؟! ... فجاوب علوش و هو جالس بطريقه تدل على الفخر و
لأثبات صحة كلامه و فوزه بالتحدي : القهوة يا طويل العمر بها طعم حموضه ....
فألتفت ابن رشيد على رجل من كبار قومه و سئله بصوت خافت : كم له يوم وهو
ضيف عندنا؟ ... فأجابه : يومين يا طويل العمر .... فرد ابن رشيد : خلوه يقعد
ابي اختبره و اشوفه هو صحيح انه يعرف بالقهوة والا هي مرة و صابت معه ...
اختلى ( ذهب للخلاء بعيد عن انظار الناس ) مع كبار قومه و اخذ يسئلهم عن
الاشياء التي يمكن ان يضيفها الى القهوة و التي من الصعب ان يتطعم بها شارب
القهوة و من الصعب ان تغير من طعم القهوة ... فقال بعضهم : نحط بها ورقة
عرفج يا طويل العمر ... و قال الاخر : نحط بها نينخة يا طويل العمر و قال الاخر
رأيه .... و هكذا ... فأمروا القهوجي بأن يضيف ما طلبوه منه الى القهوة ...
واخذت القهوة تصب و تدار بالمجلس ... واخذ ابن رشيد يسأل علوش: هاه يا
علوش القهوة بها طعم شين اليوم؟! فيجيب علوش : ايه نعم .... بها عرفج .... بها
نينخة ... و هكذا .... يوم عن يوم اشتد استغراب ابن رشيد و غضبه ... و يفكر في
شيء يضيفه الى القهوة و لا يستطيع علوش ان يعرفه ... اتى احد اقارب ابن رشيد
من الحج ... فكان معه مسواك جديد طري ... و علم بالتحدي بين الامير ابن رشيد
و علوش ... فأقترح على ابن رشيد ان يقص جزء من المسواك وان يضيفه الى
القهوة و يبهرها حتى يصعب على علوش الاستطعام بها ... و بالفعل فعلوا ذلك ...
فأمر القهوجي بأن تصب القهوة و تدار على المجلس ... فسأل ابن رشيد : هاه يا
علوش القهوة بها طعم شين اليوم ؟! ... فرد علوش : ايه نعم ... بها طعم أراك (
الأراك هي الشجرة التي يؤخذ منها المسواك ) .... بعد التفكير و الاقتراحات بين
الامير ابن رشيد و كبار قومه ... امر ابن رشيد القهوجي بأن يطبخ مع القهوة
فنجان بن ني اخضر غير محموس و فنجان بن آخر محموس حمساً كثيراً الى
درجة حرق البن ... وبالفعل طبخها القهوجي حسب ما امر به و بهرها ... ثم اخذ
يصب القهوة ... فسأل ابن رشيد سؤاله المعتاد : هاه يا علوش القهوة تشوف بها
طعم شين اليوم ؟! ... فأجاب علوش : ايه نعم بها طعم نيات و بها طعم حرق ....
هنا أيقن ابن رشيد انه مهما فعل سيعرف علوش ما قد اضيف الى القهوة ... فقال
ابن رشيد : اسمع يا علوش ... كلما يصير القمر مثل الباكورة وجهك اشوفه ... و
كلما ينوبك من قهوة ومعاميل و غيرها علي انا ألين ما اموت ... ( أي كلما صار
القمر بدراً تعال و خذ كلما تحتاجه من قهوة و مستلزماتها الى ان يتوفاني الله )
فهذا في ذلك الوقت كان اكبر تكريماً لأن القهوة و ما يلزمها هي اساس الضيافة و
الفخر و الكرم عند العرب ... حضر هذه الحادثة شاعر اسمه ( محمد أبا الروس
الذويبي من قبيلة حرب ) فصاغ هذه القصيدة مسجلاً فيها هذه القصة المشهورة
فقال فيها :
[poem=font="Simplified Arabic,4,black,normal,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4,gray" type=0 line=0 align=center use=ex num="0,black"]
تستاهل الكيف الحمر يا بن وايل=أنت الذي تستاهل الكيف كله
ياللي نقدته وسط ديوان حايل=لولاك يا علوش محدن فطن له
بدلال من يجعد صقا كل عايل=الضيغمي ريف اليدي المقله
الضيغمي مردا المهار الاصايل=يا ما انقطع بساقته من سجله
يا بان ظويهر ما بها قول قايل=تستاهل الفنجال لا جا محله
يا ناقد الدلال بحكم الدلايل=يا ريف هجن و المزاهب مقله
ربعك بني وايل مجاز القبايل=أهل الجموع الراسية و المظله
زبن الدخيل اللي توطاه طايل=الجمع دونه و الرمك مردفن له[/poem]
هذه القصة من رواية الراوية المشهور محمد الشرهان
تحياتي و تقديري للجميع[/align]
__________________
التوقيع الجديد تحت الإنشاء
|