عرض مشاركة واحدة
قديم 04-08-2007, 12:14 AM   #1


 
تاريخ التسجيل: Jan 2007
المشاركات: 14
معدل تقييم المستوى: 0
اسماعيل is on a distinguished road
افتراضي العصبية ونصر المسلمون

العصبية ونصر المسلمين

منذ فجر التاريخ و العصبية القبلية تشكل عامل رئيسي في بناء الدول واستمرار وجودها . و في تحقيق التضامن الاجتماعي بين خلا يا المجتمع وفي تحقيق النصر على الأعداء .
وقد لاحظنا من بعض الأخوة في بعض المنتديات عندما يتحدثون عن العصبية القبلية ، يذكرونها بشكل سلبي غث نتن لا فائدة ترجى منه ، ويدعون لتركها .
ولكن حقيقة العصبية القبلية ليس كما يتحدثون . فكما أن لأي ظاهرة اجتماعية إيجابياتها ، أيضا لها سلبياتها و على المرء عند الحديث في سلبيات أي ظاهرة أن يذكر إيجابياتها و يقارن بينهما من حيث النفع والضرر على صعيد الصالح العام في حياة المجتمع .
وهنا سنذكر مثال وُظفت العصبية القبلية فيه بشكل إيجابي أدى إلى تحقيق النصر على أعداء الله ورسوله والمؤمنون وفي هذا المثال يتجلى واضحاً أهمية و ضرورة وجود العصبية القبلية بدورها الإيجابي في بقاء واستمرار المجتمع الإسلامي عبر الزمان .
*****
حديقة الموت
حديقة الموت هي الحديقة التي تجمع بها المشركون أنصار كذاب ربيعة من بني حنيفة لقتال المسلمين :
بعد ساعات من وفاة الرسول الكريم محمد صل الله عليه وسلم والتحاقه بالرفيق الأعلى، طفقت قبائل العرب تخرج من دين الله أفواجا كما دخلت في هذا الدين أفواجا حتى لم يبقى على الإسلام إلا أهل مكة والمدينة والطائف وجماعات متفرقة ممن ثبت الله قلوبهم على الإيمان .
وقد جهز أبو بكر الصديق رضي الله عنه لهذه الفتنة العمياء أحد عشر جيشاً من المهاجرين والأنصار وعقد لقادة هذه الجيوش أحد عشر لواءً ودفع بهم إلى أرجاء جزيرة العرب ليعيدوا المرتدين على سبيل الهدى والحق بحد السيف .
وكان أقوى المرتدين بأساً وأكثرهم عددا قبيلة بنو حنيفة أصحاب مسيلمة الكذاب وكان عددهم أربعون ألفا هم من أشداء المحاربين وهؤلاء قد اتبعوا مسيلمة الكذاب عصبية قبلية لا أيمانا به حيث كان بعضهم يقول :
أشهد أن مسيلمة كذاب ومحمداً صادق ، لكن كذاب ربيعة احب إلينا من صادق مكة .
وقد استطاع مسيلمة أنم يكسر بعصبية جيش قبيلة بني حنيفة أول جيش خرج من المسلمين وكان ببقيادة عكرمة بن أبى جهل ورده على أعقابه .
فأرسل له الصديق جيشاً ثانيا بقيادة خالد بن الوليد حشد فيه وجوه الصحابة من الأنصار و المهاجرين وكان في طليعة هؤلاء البراء بن مالك الأنصاري ونفر من كماة المسلمين .
والتقى الجيشان على أرض اليمامة في نجد فما هو إلا قليل حتى رجحت كفَّة
مسيلمة الكذاب وجماعته بنو حنيفة . وزلزلت الأرض تحت أقدام جنود المسلمين وطفقوا يتراجعون عن مواقعهم واقتحم أصحاب مسيلمة خيمة خالد بن الوليد ( فسطاسه ) واقتلعوه من أوتاده وكادوا يقتلون زوجته لولا أن أجارها واحد منهم .
عندها شعر المسلمون بالخطر الداهم على الإسلام والمسلمين .
فما كان من سيف الله خالد بن الوليد أن هب على جيشه و أعاد تنظيمه ليعرف من أين يؤخذ جيش المسلمين فميز الأنصار عن المهاجرين وميز أبناء البوادي عن هؤلاء وهؤلاء .
وجمع كل أبناء أب تحت راية واحدة ( أي فخذهم عصبة عصبة ) ليعرفوا بعضهم بعضاً في ساحة المعركة ويعلموا من أي فخذ أو راية يخترق العدو جيش المسلمون .
فكان ثابت بن قيس قائد لواء الأنصار.
واسامة مولى أبي حُذيفة قائد لواء المهاجرين .و.... و...... .
وكان البراء بن مالك الأنصاري بطل حديقة الموت .

ودارت بين الفريقين رحى معركة ضروس لم تعرف جيوش المسلمين لها نظيراً من قبل ، وثبت قوم مسيلمة في ساحات الوغى ثبات الجبال الراسيات ولم يأبهوا لكثرة ما أصابهم من القتل ، أبدى المسلمون من خوارق البطولات التي خلدها لهم التاريخ الإسلامي الشيء الكثير .
وحينها التفت خالد بن الوليد إلى البراء بن مالك الأنصاري وقال له : إليهم يا فتى الأنصار . فالتفت البراء إلى قومه وقال لهم : يا معشر الأنصار لا يفكر أحد منكم بالرجوع إلى المدينة فلا مدينة لكم بعد اليوم و إنما الله وحده ثم الجنة .
ورجحت كفة المسلمون على المشركون أنصار مسيلمة الذاب فلجأ هؤلاء إلى حديقة ليتحصنوا بها . وعرفت هذه بحديقة الموت لكثرة ما قُتل من المشركين فيها .
وكانت حديقة الموت رحبة الأرجاء عالية الجدران فأغلق مسيلمة والألوف من جنده أبوابها ومنافذها وتحصنوا بعالي جدرانها وجعلوا يمطرون المسلمون بوابل نبالهم من داخلها .
في هذه اللحظة تقدم مغوار حديقة الموت البراء بن مالك وقال لأصحابه :
ضعوني على ترس وارفعوا الترس على الرماح ثم اقذفوني إلى الحديقة قريباً من بابها فإما أن استشهد وأما أن افتح لكم الباب .
ونفذ المسلمون ما أراده براء بن مالك ألقته الرماح داخل باب حديقة الموت بين آلف من جند المشركين فعمل سيفه فيهم وقتل عشرة واستطاع أن يفتح باب حديقة الموت بعد أن أصيب بأكثر من ثمانين جرحاً .
فتدفق المسلمون إلى داخل الحديقة وقتلوا حوالي عشرون ألفاً من المشركين ووصلوا إلى حصن مسليمة واصرعوه قتيلاً .
وحمل البراء على رحله ليعالج وفيه أقام خالد بن الوليد عليه شهراً يعالجه من جراحه وأذن الله له بالشفاء .
وظل البراء يقاتل دفاعا عن دين الله حتى كرمه الله تعالى بالشهادة يوم فتح .


****

المصدر : الباشا . د. عبد الرحمن بن رأفت ،الدار المتحدة ، مؤسسة الرسالة ، 1422هــ ، ص: 43 – 49 بتصرف .

اسماعيل السلامات
باحث في شؤون وقضايا المجتمع البدوي
اسماعيل غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس