عرض مشاركة واحدة
قديم 03-19-2006, 11:41 AM   #8




 
تاريخ التسجيل: Feb 2006
المشاركات: 1,591
معدل تقييم المستوى: 254
الوايلـــي is on a distinguished road
افتراضي مشاركة: الاخبار الاقتصادية ليوم الاحد 19 مارس 2006

--------------------------------------------------------------------------------

الانهياران الكبيران في سوق الأسهم الأمريكي: دروس وعبر



صالح السلطان
في العامين 1929و1987 أصيب سوق الأسهم الأمريكي بأسوأ انخفاضين أو انهيارين في تاريخهما، ولعل في وقائع وحيثيات ونتائج هذين الانهيارين عظات ودروساً للدول الأخرى الحديثة العهد بسوق الأسهم، ومنها دول الخليج.
في عقد العشرينات من القرن الميلادي الماضي (1920) كانت الأوضاع الاقتصادية حقيقة جيدة في الولايات المتحدة وفي عامة دول الغرب، هناك تزايد في عدد الشركات مصحوب بنمو في الاقتصادات، ارتفعت دخول أغلب الناس خلال ذلك العقد، وكان من نتيجة ذلك زيادة الانفاق الاستهلاكي، كما كان من نتيجته ارتفاعات متواصلة في أسعار الأسهم.

مليارات الدولارات استثمرت في سوق الأسهم بالنظر إلى جو التوقعات المنتشر بين الناس في أن يجنوا الملايين من وراء ارتفاع أسعار الأسهم، بصفة عامة بدا أن كل شيء على ما يرام.

ومع ارتفاع الأسعار، بدأ بعض المحللين والكتاب والمتحدثين في التنبيه على أن الأمر لن يستمر هكذا، والسبب ببساطة أنه لا نعيم دائم، وفي هذا تذكرت قول الشاعر الرندي:

لكل شيء إذا ما تم نقصان

فلا يغر بطيب العيش انسان

مع موجة ارتفاع أسعار الأسهم، تدافع المستثمرون صغاراً وكباراَ متعلمين وغير متعلمين وغير فاهمين لأساسيات السوق وأوضاع الشركات، تدافعوا في صب أموال طائلة في السوق، وأصبح السوق جاهزاً للمناورات والتلاعب.

سماسرة الأسهم والمستثمرون الصيارفة وبعض ملاك الأسهم دخلوا ميدان المناورة، للخروج بأرباح، وميدان المناورة اتخذ اشكالاً كالاستحواذ على قدر كبير من الأسهم وتداولها بينهم مع الزيادة في السعر كل مرة، بما يشبه ما يفعله كثير من (شريطية) حراج السيارات أو التحف الفنية، وحينما لاحظ عامة الناس اتجاها تصاعدياً في أسعار الأسهم، تدافعوا للشراء، عندها يلجأ المناورون في السوق إلى بيع ما طار سعره، فوق ما يتوقع أنه يستحق من واقع أداء الشركات، وهكذا تجنى الأرباح، وتدور حلقة المناورة، ويشارك فيها صغار المستثمرين وكذلك غير الواعين بمناورات السوق، ويجمع الجميع الاستمتاع باستمرار موجة ارتفاع الأسعار وجني الأرباح.

في اكتوبر من عام 1929، بدأ الاندفاع على الشراء في سوق الأسهم بالتوقف، ولحقته موجة اندفاع للبيع.

في يوم الخميس 24 اكتوبر من نفس العام، الانخفاض في أسعار الأسهم اتجه إلى منحى حاد، أما المستثمرون فحاولوا التخلص مما تحت أيديهم، ومع انتهاء اليوم فقدت بورصة نيويورك في ذلك اليوم وحده بلايين الدولارات (في أسعار اليوم يمكن أن نقول مئات البلايين من الريالات)، في نهاية دوام يوم الاثنين (التالي بطبيعة الحال لإجازة نهاية الأسبوع) فقد الآلاف من الناس نقودهم، واستوعب الناس ما حدث، وفي نهاية العام انخفضت أسعار الأسهم انحداراً شديداً، وبدأ ما عرف باسم «الكساد الكبير» The Great Depression يضرب أمريكا والغرب.

دلت دراسات سلوكيات التمويل على أن المستثمر كلما قلت معرفته كلما كان من الأسهل دفعه للدخول في رأي عام يسمى «عقلية سمعت» وفي الوقت نفسه دلت الدراسات على أن من السهل جر المستثمرين الجاهلين إلى الفزع.

ولذا تتكون سلاسل يجر بعضها بعضاً من حركات الدخول وحركات الخروج، يجمع بينهما أنهما لا يبنيان على نوعية وجودة الأخبار والمعلومات عن السوق.

خلال الفترة السابقة للكساد الكبير، تنبأ عدد من الاكاديميين وعلى رأسهم البروفسور روجر بايسون، تنبأوا بانهيار إذا بقيت الأمور بدون تهدئة، ولكن لم يشاطر هؤلاء الأكاديميين الرأي أكاديميون آخرون أكثر عدداً.

انهيار سوق الأسهم لا يعد شيئاً مقارنة بما تبعه من كساد عالمي تسبب في بطالة الملايين وتفليس وإغلاق الآلاف من الشركات، وهو كساد استمر 10 سنوات تقريباً، أي إلى إعلان الحرب العالمية الثانية.

هذا الكساد كان وراء قيام أشهر اقتصادي بريطاني في القرن الماضي جون ماينارد كينز بوضع كتابه «النظرية العامة في التوظيف والفائدة والنقود»، المطبوع عام 1936م، والذي بين فيه هيكل ما يراها كثير من الاقتصاديين أشهر نظرية اقتصادية في تفسير عمل الاقتصاد الكلي، والتي نتج عنها تبني فكرة تدخل الحكومات في حال الأزمات الاقتصادية، عبر صناعة طلب يحرك السوق المصاب بالكساد أو التشاؤم.

ثاني أشهر انهيار من القرن الماضي في سوق الأسهم الأمريكي كان في 19 أكتوبر من عام 1987، حيث انخفض مؤشر داو جونز نحو 23٪، بخسارة 500 بليون دولار تقريباً، وتعد أكبر خسارة في يوم واحد في تاريخ سوق الأسهم الأمريكي، هذا الانخفاض أو الانهيار كان متوقعاً، وإن لم تتضح المبررات، بسبب عمل الإدارة المسماة سلطات أو هيئة السندات والتبادل (SEC) Securies and Exchanqe Commission الأمريكية التي أنشئت إثر الكساد الكبير، بغرض منع مزيد من الانهيارات وأعمال الغش والتلاعب التي أصابت سوق الأسهم، هذه الهيئة قامت بعملها كما ينبغي، وقد استطاعت اقناع المستثمرين المترددين في العودة إلى السوق. قيادة المستثمرين إلى مواطن المعلومات المناسبة كان في مقدور الهيئة، لكن بطبيعة الحال ليس بمقدورها تركيب مهارات تفكيرية في رؤوس المستثمرين، على سبيل المثال ليس بإمكانها منع المستثمرين من ركوب موجة البهرجة والجاذبية التي شاعت في أذهان عامة الناس عن كثير من الشركات خلال العقود التي تلت الحرب العالمية الثانية وقبل انهيار 19 أكتوبر، وكان الأولى بالمستثمرين النظر إلى قيمة ونتائج أداء تلك الشركات.

٭دكتوراه في الاقتصاد الكلي

والمالية العامة
الوايلـــي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس