محسن الهزاني .. علم من أعلام الشعر الشعبي ... أنتشرت قصائده بين الناس انتشارا كبيرا ونسج حولها الكثير من القصص والأساطير .. سنحاول في هذا الموضوع أن نُعّرف به ونأتي على شئ من سيرته وبعضا من أشعاره .

نسبه ونشأته :
هو محسن بن عثمان بن حمد الهزاني .. من أسرة الهزازنة من قبيلة عنزة . ..
ولد في بلدة الحريق في النصف الثاني من القرن الثاني عشر الهجري تقريبا ونشأ فيها في رغد من العيش ومكانة اجتماعية عالية .
كانت لاسرته السيادة على بلدة الحريق وكان لهم مكانة مرموقة في المناطق المجاورة لهم ..
يقول فيهم سليمان بن عفالق :



بوادي نعـام جعـل يعتـاد ربعـهحقوق الحيا من كل غـرا ورايحـه
منـازل قـوم مـن ذوابـات وايـللهم شرف عالي على مـن يناوحـه
أجاويـد نـاس لايـزال نزيلـهـممدى العمر مايخشى من العمر نايحه
غزار جفان الزاد للضيـف بالقصـااليا عض من كالوب الأيـام قارحـه
وأهل طعون باللقـا ينهـرج بهـنوشرث لهامـات المعاديـن زايحـه
هم الريف في نجد اليا عزز الحيـاوأمست وجيه الناس للضيف كالحه



وقال فيهم عبيد بن علي الرشيد :



واللي عطى حق الديار الهزازينوحنا ليا عدت فعـول القبايـل



ويقول محسن الهزاني مفتخرا بأسرته :



شغاميم قوم من شناخيب وايـللهم بالوغا يوم الملاقـا وقايـع
فكم واحد تخشى الخميسين باسهجعلناه قوت للنسـور الهلايـع
بأموالنا نشري من الحمد ماغلاوبأرواحنا يوم التلاقـي نبايـع
بالمن مانتبـع عطانـا ولابعـدعلى الغيظ قلنا ذا به البر ضايع



صفاته وعلاقاته :
بالاضافة الى شاعريته الفذة أتصف محسن بصفات قيادية جعلت له مكانة عالية بين قومه ومكنته من تولي امارة الحريق لفترة من الفترات مما سهل له الالتقاء بالكثير من أعيان زمانه والاحتكاك بهم ومدحهم .. ومن أولئك الشيخ مسلط الرعوجي الذي رثاه محسن بقصيدة رائعة يعتبرها النقاد من عيون المراثي يقول فيها :



ياراكب من فوق مثـل السفرتـات
حمراً فتاة(ن) عن لقاح(ن) معفـاة
تلفي الكواعب من بنات العمـارات
يبكين أخو نوضا على رأس ماطال


يبكن بدمع(ن) ليس بالدمـع يخلـط
علـى عقـاب العندليـات مصلـط
والله مامثلـه علـى الجمـع يقلـط
ولا نقلـن الخيـل مثلـه برجـال


ياالبيض كبـن الحلـى والعشـارق
وابكن أخو نوضا مروي المطـارق
خيالهـا وان جللوهـا المـعـارق
ولحق الوسيق ورد الأول على التالي


عليه أنا موف(ن) ثلاثة عشر يـوم
مالذ لي زاد(ن) ولاطاب لـي نـوم
ساعة لفاني عن حجا كل مضيـوم
سهم المنايا مصلط(ن) ذرب الأفعال





ومنهم كذلك سرداح بن عبيدالله من أل عريعر وهو صديق حميم لمحسن خصه بالكثير من القصائد يقول في احداها :



أزكى سلام عد ما البـدر غايـبأو غدر الماء في محاني المحاليب
للملتقـي والمعتنـي للعجـايـبوالمعتصم بالله عن كـل ماعيـب
ريف الهشالا يالسنيـن الجدايـبفرز الوغى معطي المهار العباعيب
سرداح وان حال القنا بالظرايـبيذبح مقاديم الرجـال المطاليـب
ياشيخ يامـدي حقـوق النوايـبيامعلق جمع المعادي الأصاويـب



والمتتبع لقصائد محسن الهزاني يجده يسند الكثير منها على أخيه "زيد" ومن ذلك هذه المطالع :
-


يا زيد لو ترجع عصور مضت لـيبالوصل جزنا من كثيرات الأطمـاع

- ليلة يجينا السيل يازيد وافيـتموضي الجبين وسيد تلعات الأعناق

- هافت غصون القلب يازيد والونمن فرط نار الشوق والوجد والون





شاعريته وثقافته :

يلحظ القارئ لقصائد محسن الهزاني أن لغته في الغالب سهلة ومفهومة تجمع بين العامي والفصيح واستيعاب المعاني ليس صعبا فهي ليست موغلة في القدم ..
أيضا يلحظ القارئ لقصائد محسن سعة اطلاعع وهذا يدل على حرصه على التعلم في وقت كان الجهل فيه مسيطرا وشواهد ذلك كثيرة نكتفي باثنين منها :
الأول : استشهاده ببعض الايات كقوله :



جامع الناس بيوم لاريب فيهجابر العظم من بعد ماينقصم


وقوله :



وأنبتت الارض من كل زوج بهيجوأوجدت بالفضا كل صنف عـدم



الثاني : اقتباسه لبعض الابيات من الشعر العربي الفصيح كقوله :



وهو على ركن من الخيـل كنـهجلمود صخر حطه السيل من عال



أما شاعريته فقد شهد الكثير من النقاد بعلو كعبه وأفضليته على شعراء زمانه يقول أبن خميس في ذلك :
"وكان محسن شاعرا مجيدا الى أقصى درجات الاجاده ، ولم أرى من شعراء النبط –قبله ولابعده- من تقدمه ، خصوصا في الغزل والوصف فلقد أبدع أيما ابداع وجاء بصور وابتكارات ، في منتهى الروعة والجمال لولا مادخل شعره من صنعة البديع وتلاف الشعر والتلاعب بالالفاظ . ويعتبر مؤسس هذه المدرسة التي سار على نهجها الشاعر ، أبن لعبون ، وأضرابه والتي تعنى بالغزل ، وأدوار السامري" .
ويقول عنه الجهيمان :
"هذا الشاعر فيه أوجه شبه بينه وبين شعراء الغزل الأقدمين مثل عمر ابن أبي ربيعة وجميل بثينة وكثير عزة "

كما أن الكثير من النقاد يعتبرون محسن الهزاني من مجددي الشعر العامي وينسبون اليه أنه أول من أدخل القافيتين في القصيدة العامية خروجا على المألوف في ذلك الوقت وهو النهج الهلالي كما أنه أول من استخدم القصيدة (المروبعة) التي يحتوي كل بيت منها على أربع مواقف مثل قوله :



قالن لعفرا كنها ظبـي لينـه
منه اقربي كنك تبي تنشدينـه
وأرخي له الملثم عسى تقتلينه
قالت الى مني قتلته تلالون!!


ومثال أخر فيه نوع من التكلف .. يقول :



أهيم وأصعد مرقب الغي وأرقـا
وأنوح من فرط الجوي نوح ورقا
واليا كتمت السر عن حضر ورقا
ابداه ذارف دمع عيني اليا ساح
طفل نشا ماشيف مثله ولاشهـد
لاخمر لاترياق ريحـه ولاشهـد
لاخد شفنا مثل خـده ولاشهـد
ولاشممنا مثل ريحـه بالأريـاح




وينسب اليه كذلك أنه أول من استخدم نظام القافية الواحده في شطري البيت .. مثال ذلك قوله :



ذا قول من لاشيف وسط الزلايبولامشى في ساحة الجار كالذيب
ابن الذي ماداس بالعمر عايـبشم العرانين العصات الشخانيب



مانسب اليه من قصص :
شاعر مثل محسن الهزاني ملأ الدنيا وشغل الناس وتميزفي شعر الغزل من الطبيعي أن تنسج حول قصائده الكثير من القصص التي تصل الى حد الأساطير وسنعرض هنا بعضا من أشهر تلك القصص . بينما هو وكما يروي بعض من ألف حوله برئ منها أو أنه قالها على هيئة أن الشعراء يقولون مالايفعلون ، ويستشهد أولئك بحادثة يرويها أحد سكان الحريق مفادها أن الراوي وبعد أدائه لصلاة الفجر سمع أحد المصلين يرفع يديه بالدعاء وينتحب ولما دقق النظر فيه اذا هو محسن الهزاني .. فانتظره حتى خرج من المسجد وبادره بالسؤال : ألست أنت محسن الهزاني الذي تقول كذا وكذا .. قال : نعم ... قال : ولكن ما أراه منك يختلف .. قال محسن : والله أني لم افعل مما قلت من اشعاري شيئا يسألني الله عنه وانا هم الشعراء يقولون مالا يفعلون !! ...

وقبلت مطواح على الغـرو وقـرونحلفت ما أخليـه أنـا يـوم شديـت