عرض مشاركة واحدة
قديم 03-11-2006, 09:26 AM   #6




 
تاريخ التسجيل: Feb 2006
المشاركات: 1,591
معدل تقييم المستوى: 254
الوايلـــي is on a distinguished road
افتراضي مشاركة: الاخبار الاقتصادية ليوم السبت 11 مارس 2006

الأسهم: ما بين الاقتصاد وسوقها..!
د. مقبل صالح أحمد الذكير - 11/02/1427هـ
في ضوء مقال الأسبوع الماضي الذي خصصته للحديث عما حصل ويحصل في سوق الأسهم، وردتني استفسارات عديدة. سأحاول في مقال اليوم أن أركز على الخطوط العامة التي أتصوّر أن على عامة المهتمين بالسوق أن يستحضروها قبل أن يتصرفوا.
على الرغم من التراجع الحاد الذي جرى للسوق، وعلى الرغم من التقلبات التي شهدها الأسبوع الماضي، وعلى الرغم من الجراح التي تلقاها المتعاملون فإني لا أزال أعتقد أن السوق ستعود للتحسن التدريجي خلال أسابيع. واعتقادي قائم على سبب اقتصادي بسيط ولكنه قوي جدا، وهو أنه لم يحدث تغير اقتصادي حقيقي يدعو إلى هذا الهبوط الحاد. لقد كان بالفعل انكسارا حادا وقسريا، ولكن الكل يعلم أنه ظرف استثنائي، بسبب التوقيت والطريقة التي أخذت بها هيئة سوق المال تنفيذ إجراءاتها الجديدة. التراجع سيستمر في المؤشر حتى يقتنع المتعاملون بعدم جدوى البيع إن لم يقابله شراء، أو حتى تبدأ بعض الصناديق الاستثمارية، أو محافظ كبار المستثمرين، بعض الصناديق الحكومية بالشراء تحت إغراء انخفاض الأسعار.
لكنى أعتقد أن السوق في نهاية الأمر ستعود إلى التماسك. ذلك أن المؤشرات الاقتصادية الكلية لاقتصادنا لا تزال قوية : فمعدل نمو الاقتصاد يتراوح بين (5 في المائة إلى 6 في المائة )، وأسعار النفط متماسكة (بين 55 و60 دولارا للبرميل ) والإنفاق الحكومي طموح ومستمر، وحجم عرض النقود لا يزال مرتفعا "بلغ نحو 93 مليار ريال بنهاية شهر كانون الثاني (يناير)" وهو قريب من معدل العام الماضي، وأخيرا فإن انضمامنا إلى منظمة التجارة الدولية دفع نحو تسريع وتيرة الإصلاحات الاقتصادية المتعلقة بتحرير الاقتصاد وزيادة درجة المنافسة، الذي بدأ يظهر خاصة في مجال الخدمات المصرفية وخدمات التأمين. وهذا سيجلب مزيدا من الاستثمارات الأجنبية. كل هذا يؤكد أن الوضع الاقتصادي العام أكثر من جيد.
ومن ناحية أخرى، لا يصح الحكم على السوق من خلال أدائها في فترة قصيرة. ففي عام 2004 نمت السوق في الشهرين الأولين بنسبة 12 في المائة، لكن مجمل نموه في نهاية السنة بلغ 85 في المائة، وفي عام 2005 نمت السوق في الشهرين الأولين من السنة بنسبة 14 في المائة، ثم حقق في نهاية السنة نموا بلغ نحو 100 في المائة. ومنذ بداية هذه السنة نمت السوق بنسبة 7 في المائة تقريبا!
لا بد أن يكون للمستثمرين في مثل هذه الأوقات نفس طويل. ليس الخاسر في هذه السوق من تراجعات قيمة محفظته أثناء هذا الانكسار الأخيرة، فهذه الخسارة ستظل تقديرية أو محاسبية. الخاسر هو الذي يسمح بالخوف والذعر أن يتملكه فيتخلص من أسهمه في مثل هذه الظروف. حينئذ تتحول خسارته التقديرية إلى خسارة فعلية.
لو كان تراجع السوق جوهريا وأساسيا بسبب تغيرات اقتصادية حقيقية كبيرة في أحوال الاقتصاد العالمي أو في مؤشرات اقتصادنا الوطني، لكان للتخلص من الأسهم والخروج من السوق لتقليل الخسائر معنى منطقي ومقبول. ولكن ليس هذا هو الوضع كما يرى الجميع.
عندما تراجعت أسعار النفط إلى ثمانية دولارات للبرميل في عام 1999، وكانت كل مؤشرات الاقتصاد متراجعة، ووصلت أسعار الأسهم إلى مستويات متدنية، وكانت هناك ضغوط كبيرة على العملة الوطنية، اشترى بعض القادرين أسهما وحققوا أرباحا مذهلة بعد سنة واحدة فقط. هذه فترة ذهبية لمن يمتلك سيولة فائضة عن حاجته الأصلية، ويمتلك الصبر والخبرة الكافية لتقدير وقت الشراء.
صحيح أن الصعود الذي جرى في السوق بعد عطلة عيد الأضحى كان كبيرا ولا يفسره سوى مضاربات محمومة، ومن ثم كان تراجع السوق أمرا متوقعا. لكن كما قلت الذي عمق من هذا الهبوط وجعله حادا ورأسيا هو توقيت وطريقة تطبيق إجراءات هيئة سوق المال الأخيرة. لكن الأعجب من ذلك، هو غياب سياسة اقتصادية تستشرف حجم السيولة الكبيرة التي ستغرق الاقتصاد، وعدم الاستعداد باستيعابها من خلال الإسراع في فتح فرص استثمارية جديدة أمام مدخرات الناس.
نشرت جريدة "الاقتصادية" يوم الأربعاء الماضي لقاء مهما مع رجل عصامي، بدأ عاملا في شركة أرامكو وانتهى مالكا لمصانع ومخترعا وصاحبا لبعض براءات الاختراع. هذا الرجل خرج من تجربة خمسين عاما برؤية محزنة، وهي أننا حتى الآن ليست لدينا رعاية فعّالة للموهوبين. وكمستثمر عصامي، فإنه يعاني كثيرا من إجراءات وزارة العمل، المتعلقة بحصوله على تصاريح عمل، وفى الوقت نفسه لا يجد العمالة السعودية المؤهلة لما تتطلبه طبيعة العمل في مصانعه.
مستثمر سعودي آخر لديه مشروع لإقامة برج مميز داخل البحر على شواطئ جدة بقيمة تزيد على مليار ريال، يتقدم للبلدية وتحول طلبه إلى إدارة الاستثمار فيها، ويعامل ببيروقراطية قاتلة. بينما تنقل لنا الأخبار أن ثلث أبراج البناء في العالم انتقلت إلى دبي، وأن شركة إعمار وزعت أرباحا بنسبة 40 في المائة على أسهمها. كل مشروع يتم تعطيله يعني ضياع فرص عمل وفرص تشغيل لموارد الاقتصاد الأخرى. هذه هي بيئة الاستثمار المحبطة والبطيئة التي عنيتها في مقالي السابق.
إن تداعيات سوق الأسهم أيا كان سببها، لا بد أن تحظى باهتمام السلطات الاقتصادية وأعتقد أنها فعلا ستحظى بهذا الاهتمام، لأن تداعياتها لن تقتصر على الجوانب الاقتصادية، بل ستتعداها إلى جوانب اجتماعية وأمنية نحن في غنى عنها.

[email protected]
الوايلـــي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس