عرض مشاركة واحدة
قديم 09-03-2007, 02:48 AM   #1






 
الصورة الرمزية أبـــ بنت ـــوهـا
 
تاريخ التسجيل: Mar 2006
المشاركات: 18,134
معدل تقييم المستوى: 30
أبـــ بنت ـــوهـا has a spectacular aura aboutأبـــ بنت ـــوهـا has a spectacular aura aboutأبـــ بنت ـــوهـا has a spectacular aura about
افتراضي (( مأساة النجاح .... وفشل المثالية ))

[align=center]

( مأساة النجاح )

الإنسان مولودٌ راغباً في تحقيق كلِّ ما يريده ، و ساعياً في تحسين حياته ، و هذه جِبِلَّةٍ من الجِبِلاَّت التي غرزها الله في النفس البشرية .
و هي ممتعةٌ مُؤْنِسَةٌ إذا كانت مُتَمَشِّيةً على قواعد النجاح و أصولِه ، و في خِلاف ذا لا يكون له أيَّةُ متعةٍ و أُنْسٍ .
لكن هل هو مأساةٌ و حسرة ؟!
نعم !!!
لكن كيف ؟ و متى ؟ و لمَ ؟
أما عن كيفَ ؟
فالجواب :
إن الإنسان إذا كان سالِكاً دروب الطُموح ، طارقاً أبواب الفلاح و النجاح يعتوِرُه الفشل في حينٍ من أحايينه ، و يؤذيه البذلُ من نفسه في أزمنته ، فإذا جاءه ذلك كان مُحطماً له ، مدمراً لهمته ، و هذا لا يأتي إلا الأنفسَ الضِّعاف ؛ التي تجعل الكأس دائماً فارغاً مع امتلاء نصفه .
هذه الحال تجعلُ تحقيق النجاح في كلِّ شيءٍ أمراً مُلِحَّاً لا يتخلله خللٌ أبداً .
و هذه النظرة من النظرات اللاتي تحصرُ الهمَّ ، و تُفَتِّرُ العزمَ ...
فهنا يكون للنجاح مأساة لعدم تحقيق الرغبة في تمام النجاح .

و أما متى ؟

فالجواب :
فذلك حينَ يكون المرءُ دقيقاً في جزئيات عمله و هدفه ، فذاك طموحٌ في كمال صعبٍ لا يُنال ، ففي تلك الحالة عند عدم تحققِ الغاية بإتمام و إكمال و إتقان إن شعرَ بالفشل التام فهي مأساة النجاح .
يذكرُ د. طارق السويدان _ وفقه الله _ أنه قد اشترى حقولَ بترول في أمريكا ، و في أحداث 11 سيبتمبر دُمرتْ و جرى عليها ما جرى ، و أسِفَ على ذلك ، و لكن تمتَّعَ بالنجاح حيث تأهل لتلك الحالة من شراء حقول .
فلو اعتبرَ ذلك النجاح الكبير مع الخلل و الفشل الذي فيه مأساةً لكن داخلاً في موضوعنا .
فهنا ظرفية المأساة الناجاحية ، فتنبَّه .

و أما عن لمَ ؟
فقد مرَّ الجواب عنها في أعطاف الكلام الآنف .
بعد هذا كلِّه إن مأساة النجاح إنما هي جائِيَةٌ من صنيع الرجل نفسِه ، و ليست من الهدف .
و ربما تكون من آليةِ السعي ؛ و هي من اختيار الرجل .
فحتى نتجنَّب الوقوعَ في مأساة النجاح لنتعلَّم حقيقة النجاح ، و لنعرف لذته ، و لنتفهم حالنا معه .
عندها نعرف مدى ملابسات النجاح : متعةً و مأساةً ...



( فشل المثالية )

الطموح نحوَ الكمال من دواعي النفس الشامخة ، و الرغبة في التقدُّم على الأقران غريزة و جِبِلَّة ، و ليس هذا إلا في مقام المحامد و الممادح ، لكن أن يكون السعي إليها إخلالاً من حيث ألاّ شعورية فهو مكمنُ الآفات ، و موطن الزلات .
إن من علائم الناجح أن يكونَ مَرِناً في تسييرِ برنامج أهدافه ، و أن يكون مُسدِّداً مقارباً ، فلا هو الأخاذُ بالأمور بشدة ، و لا هو المتساهلُ بإتمامها .
و حقيقةُ المثالية ليست في إتمامِ العمل كمَّاً ، بل هي في أمرين ذوَيْ بالٍ :
الأول : إتقانه كيفيةً ، و هو الأساس و الأصل .
الثاني : في احترامِ العمل و نتائجه .
فهذان الأمران هما من الأمور التي تُمثِّل حقيقة المثالية في أداء العمل ، أما ما يكون من المباهاة في الكماليةِ و الصورة الحسنة _ مع الإخلال بأحد هذين _ فليس من المثالية إلا في الدعوى .
و من هنا نعرف أن كثيراً من الإداريين واقع في شِباك الزيوف المثالية ، فليس هو الذي ظفر بإتقان العمل في كيفيته ، و لا هو الذي احترمَ نتائجَ عمله .

و لكلٍّ من الأمرين مهام مختصةٌ به :
فمن مهام الإتقان أشياء :
1. رَسْمُ معالم العمل و أهدافه .
2. تحديدُ آليَّاته و إمكانياته .
3. مرونةُ التعامل مع العمل .

و من مهام الاحترام :
1. السرعةُ في اتخاذ القرار ، مع معرفة بواعثه .
2. نظرةُ التقدير لنتيجةِ العمل ، و اعتبارُ الفشل فيها خطوة نجاح جبار ، و كما قيل : النجاح في أحضان الفشل .
3. احترام عملِ الآخرين ، فليس كلُّ عاملٍ أخطأ في نظرك هو مخطيءٌ في ذاته ، و ليس كل محسنٌ محسناً .
و هذه من أسس النجاح في العمل _ أيَّاً كان _ ، و إن أبعدَتْ ففي العملِ خللٌ كبيرٌ لن يُؤْتي نتيجته .
إن قضية المثالية من القضايا الإدارية التي عُكِسَ الفهم لها ، و معالجتها من الأمور المهمة جداً ، و هذا مدخلٌ بسيط .
و قد كان من جميلِ التفاؤل أن جُعلَ الفشل ممتعاً ، ومن قبيح ما يستعمل أن يكون لمبدأ المثالية طابع الفشل .
متى ؟!
إذا استعملَ في غير حق .


عبد الله بن سُليمان العُتَيِّق


[/align]
__________________
أبـــ بنت ـــوهـا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس