عرض مشاركة واحدة
قديم 05-13-2008, 05:12 AM   #3




 
تاريخ التسجيل: Jan 2006
المشاركات: 1,935
معدل تقييم المستوى: 261
ابوعبدالله 2000 is on a distinguished road
افتراضي رد: قصـــــــــــــــه منقوله

[align=center]
بعد أربعة أشهر توقفت سيارة حمراء صغيرة وترجل منها أبو سندس

الذي سار باحثا عن عامر أو أي شخص يدله على عامر ..

كان عامر عائدا بأغنامه إلى قبيلته فلحقه صبي صغير وهو يقول : هناك رجل غريب يريدك

- أين؟

- (أشار الصبي إلى الجهة الغربية حيث الطريق مابين المدينة وتبوك) هناك

- حسنا

نادى عامر زوجته لتُدخل الغنم ورجع مسرعا فلمح من بعيد السيارة الحمراء ففرح بقدوم أبو زوجته

وما إن اقترب منه




حتى ضمه أبوها وسلم عليه بحرارة وسأله عن ابنته

- بخير ولله الحمد .. لقد صارت بدوية أصيلة وتعجبك بداوتها (ثم ابتسم)
- وهل أنت مرتاح معها؟
- الحمد لله فهي نعم الزوجة .. تعال معي هل تريد رؤيتها

- انتظر .. ليس الآن
- ولماذا؟ .. إنها تفكر فيكم كثيرا وتنتظر مجيئكم بفارغ الصبر

- (أطرق الأب رأسه ثم قال ) أعرف .. ما من بنت إلا وتشتاق لأهلها وتحبهم وتتمنى رؤيتهم ولكن .. (ثم سكت)
- ولكن ماذا؟

- أخاف أن تصر على السفر معنا وتتركك يا عامر
- إن كانت تريد السفر معكم فلتسافر .. ومتى عدتم تمرون بها علينا

- لا .. يا عامر .. لا أريد أن تسافر .. أنا أعرف ابنتي وأخاف أن تتغير عليك أو ترفض العودة .. لا أعرف بالضبط ماذا ستفعل؟؟

- هل أفهم أنك لا تريد رؤيتها الآن؟؟

- بالضبط .. فقط أعطها هذهـ
:

:





:

:



( ومد له حقيبة جلدية وكيسا من والدتها التي كانت تراقبهم في السيارة وتبكي وتود لو تنزل وترى ابنتها الغالية والتي فارقتها من أشهر)

ضم أبو سندس عامرا إلى صدره وكأنه يضم ابنته ثم أوصى عامر بابنته خيرا ودمعت عيناه وهو يودعه ..

وعاد إلى سيارته ليواصل سفره للأردن

وما إن ركب حتى قالت زوجته: إذا كنت لا تريد رؤيتها .. نحن نريد ذلك
- هل سنعود للجدال في هذا الموضوع ثانية؟

- أبو محمد .. الله يخليك .. لا أستطيع المرور من هنا ولا أراها
- لقد قلت لك لن نمرها ولن نراها ... أفهمت؟؟
- حرام عليك يا رجل !!
- إن كنت تريدين مصلحة ابنتك فأجلي هذا الكلام
- أبو محمد ..؟
- كفى
- ما أقسى قلبك !
- أحيانا القسوة مفيدة .. إنما أردت تأديبها
- وهل هذهـ طريقة في التأديب؟؟

- كم مرة سألتني هذا السؤال؟ .. إن كنت تشكين في قدرتي على تربية أبنائي فلك أن لا تصحبيني في السفر وأن تبقي عند أهلك هناك في عمّان

:


:

:

لا فائدة من هذا الكلام الذي دائما يدور بينهما بشأن سندس .. وليس لأمها حيلة إلا البكاء المرير على مصير ابنتها الذي دفن في الصحراء .. وكانت كلما تذكرتها دعت الله أن تراها عاجلا غير آجل على أفضل حال

سارت السيارة باتجاه الأردن والوجوم يخيم عليها ..

حتى محمد ذي العشر سنوات وأفنان ذات الثماني سنوات وجنى ذات الخمس سنوات كانوا صامتين يتذكرون أختهم الكبرى ويشتاقون إليها ولا يستطيعون أن يجبروا أباهم على رؤيتها

لذلك كانت عبراتهم تجري بصمت على خدودهم المتوردة الصغيرة .. وقلوبهم تخفق بقوة عندما مروا من عند ذلك المكان الذي أنزل أبوهم فيه سندس وهو يقول ودعي أهلك وأحضري ملابسك

كانوا ينظرون لذلك المكان المشئوم وكأنه العقاب لمن لا يمتثل أوامر أبيه ويزعجه بالعصيان والتمرد ..

وكانوا يحسون أن أباهم ظالم بحكمه على سندس الفتاة الصغيرة الرقيقة ذات الخمسة عشر عاما إذ يزوجها لبدوي لا يعرفه وغير متحضر ويسكن في خيمة

لقد نفّذ وعيده فيها مما جعل أخوتها يمشون على الصراط لا يحيدون ويصدقون تهديدات والدهم

لقد كرهوا كل ما يذكرهم بزواج أختهم ..

حتى السفر كرهوه وكرهوا طريق الأردن وكرهوا الأردن التي لم يعد لها طعم بلا أختهم ..

كرهوا أقاربهم الذين يسألونهم عن سندس .. أو حتى يباركون لهم زواجها

كانوا يتمنون فقط البقاء في بيتهم في المدينة حتى لا يتذكروا ذلك السفر المشئوم الذي فقدوا فيه سندس ..

وكأنها ماتت فيه

0000000000
00000000
00000
000
00
0


في الأردن


:
:

هناك كانت فرحة أقاربهم كبيرة بقدومهم ولكنهم لم يكونوا يبادلونهم تلك الفرحة ..

كان مجرد تغيير جو أو نزهة عادية ..

وكان هناك ابن خالتهم فارس الذي صعق بزواج سندس في الشتاء الماضي

واستشاط غضبا من أبيها هذا الأحمق الذي يزوج ابنته من بدوي ليس كفؤ لها

وكان كلما رآها ود لو فجر رأسه هذا المتيبس أو المتخلف في نظره ..

لماذا سندس بالذات يزوجها؟

لماذا سندس الجميلة الناعمة؟

لماذا سندس الذكية المتوقدة وكأنها شعلة نشاط؟

هل كان يريد أن يكسر آماله عليها وأن يحطم قلوب الشباب من عائلتها ..

والذين كانوا ينتظرون اكتمال زهرتهم القادمة من السعودية

وها هي الآن تبقى هناك ولا أمل في مجيئها .. لقد دفنها أبوها .. !!

000000000000
000 00
00

عندما عاد عامر بالحقيبة كان حزينا ولا يعرف كيف يخبر سندس بمرور أبيها

الذي رفض رؤيتها وأعطاه هذه الهدايا لها وأمره أن يوصل لها سلامه وسلام أمه وأخوتها

دخل الخيمة حاملا الحقيبة والكيس



ولم تكن موجودة





فقد ذهبت إلى أمه لتساعدها في بعض شأنها ..

تركها جانبا ثم جلس إلى عمود الخيمة منتظرا عودتها

كان ينظر للشمس تغرب في الأفق وسندس لم تعد بعد ..

فقام ليتوضأ ويصلي مع الجماعة ..

وعادت سندس إلى خيمتها بعدما خرج ..

أول ما لفت نظرها هي تلك الحقيبة وذلك الكيس ..

اقتربت منها وقد عرفت تلك الحقيبة الجلدية ..

انحنت لتلمسها وتتأكد منها ثم تلفتت حولها .. من أتى بها؟

إنها من أمي ولكن... أين أمي؟ هل جاءت؟ وأبي؟ هل جاء ؟

لم تفتحها وإنما قامت لتبحث عن أهلها فربما قدموا للسلام عليها وجلبوا معهم هذهـ الأغراض لها

خرجت من الخيمة وجالت ببصرها في المكان ولكن لا أثر

نظرت للأفق الغربي حيث طريق الحجاز .. ولم تحس بنفسها إلا وهي تركض هناك باحثة عنهم

عندما عاد عامر للخيمة ..

تعجب من تأخر زوجته فهي لم تعد بعد .. فخرج ليرى ما الذي أخرها في خيمة أمه؟

سأل أمه عنها فقالت: لقد خرجت وقت الصلاة إلى خيمتها ولا بد أنها تتوضأ أو تصلي

عاد عامر وبحث عنها داخل وخارج الخيمة فلم يجدها .. واحتار في أمرها .. أين ذهبت؟؟

تذكر الحقيبة لا بد أنها عرفتها .. ثم خطر في باله أنها خرجت للبحث عن أهلها فأسرع خارجا يتبعها حيث الطريق العام

كان الظلام قد حل وعامر يدور في المكان صارخا باسمها ::::> سندس ... سندس

ولا مجيب ... حتى اقترب من الطريق العام فوقف هناك يبحث عنها

000000
0000
000
00

دخل عامر خيمته حاملا سندس بين يديه بعد أن وجدها على مقربة من الطريق العام وقد أغمي عليها ..

ثم مددها على فراشها وأتى ببعض الماء ليمسح وجهها لعلها تستيقظ ..

ثم فتحت عينيها عندما أحست ببرودة الماء

سألها: هل ذهبت لتبحثين عن أهلك؟

لم ترد عليه فقد بلغ منها التعب مبلغا عظيما فأغمضت عينيها من جديد ..

عندما رآها عامر بهذا الشكل قام ليحضر لها بعض الطعام واللبن لعله يعيد إليها حيويتها ..

لكنها عزفت عن هذا كله وضمت إليها لحافها ثم استغرقت في نوم عميق ..

تركها عامر وخرج من خيمته وقد ضاق صدره بما حصل ..

نظر إلى الغرب حيث الطريق وحيث كان يقف أبوها بسيارته

وقال في نفسه: ألا يحن هذا الأب إلى ابنته .. يمر من المكان ويمتنع عن رؤيتها .. لماذا؟

هو قال أن هناك قصة؟ وما هي هذهـ القصة؟ لم أعرف منها سوى أنه يريد أن يؤدبها ..!

هل أخطأت أو .. ماذا فعلت بالضبط؟ .. هل لها حبيب يريد أن يبعدها عنه؟

مشى عامر بخطوات واسعة وهو يحاول أن يطرد هذهـ الأفكار والتساؤلات التي أرهقته

وجلس يفكر بسندس القادمة إلى بيئة غير بيئتها ولم تعتد عليها ...

ومع ذلك تأقلمت مع مرور الوقت

تذكرها عندما كانت تستحم يوما بعد يوم حتى نبهها إلى قلة الماء وإسرافها سوف يرهقهم في نقله ..

فغضبت وقالت هل أبقى متسخة مثلكم وسبت قبيلته ومع ذلك تغاضى عنها

وقال : ظروفنا غيركم في المدينة .. ولا يعني ذلك أننا لا نحب النظافة

تذكرها عندما كانت تعزف عن بعض مأكولاتهم وعندما تسد أنفها إذا شمت سمن الغنم أو إذا خرجت وجاءتها رائحتها .. ثم لم تلبث شهرا حتى اعتادت كل ذلك

ابتسم عندما تذكرها وهي تعيره بالحفيان الذي لا يلبس نعله إلا قليلا ..

ثم هي تراخت في تالي الوقت فصارت تخرج من خيمتها أحيانا حافية وكان يعجبها منظر قدميها الحافيتين

:


:

وصل عامر للطريق العام وجلس على صخرة مرتفعة قليلا وهو يتذكر الأربعة شهور التي مرت بهما

والتي تغيرت فيها سندس الحضرية كثيرا ..

وهي الآن كأنها واحدة منهم ..

ترعى معه الغنم وتحلبها بعد أن كانت تقرف من الاقتراب منها ..

ثم ابتسم عندما تذكرها وهي تحلب لأول مرة .. وكانت الشاة تهرب منها وهو يعيدها لها

وعندما ذاق حليب الشاة صرخ بسندس .. ماذا كنت تحلبين من اليوم ؟ إنه ليس حليب؟

فزعت ثم سألته بخوف: ليس حليبا؟ إذن ماذا يكون؟؟

أجابها ضاحكا إنه عسل يقطر من يديك الساحرتين .. عندها ضحكت معه وعرفت أنه يمازحها

أحس بالنعاس ثم عاد أدراجه لخيمته ليجد سندس كما تركها تغط في نومها ولم تتناول عشاءها

:

:

:

بقيت سندس على تلك الحال يومين آخرين .. والتعب ملازمها ..

ولا تستطيع الخروج ولا العمل كثيرا .. فقلق عليها عامر وخرج يحدث أمه بما حصل لزوجته

فقالت له: لا تقلق سأنادي أم سالم لتراها فهي كما تعلم خبيرة في النساء

لم يمض كثيرا من الوقت حتى كانت أم عامر وأم سالم في خيمة سندس وقد قامت أم سالم بفحصها

ثم قالت لأم عامر: أين زوجها؟

أم عامر - في الخارج

أم سالم - أريد أن أكلمه

:

:[/align]
__________________

ابوعبدالله 2000
ابوعبدالله 2000 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس