عرض مشاركة واحدة
قديم 05-13-2008, 05:15 AM   #4




 
تاريخ التسجيل: Jan 2006
المشاركات: 1,935
معدل تقييم المستوى: 261
ابوعبدالله 2000 is on a distinguished road
افتراضي رد: قصـــــــــــــــه منقوله

[align=center]لم يمض كثيرا من الوقت حتى كانت أم عامر وأم سالم في خيمة سندس وقد قامت أم سالم بفحصها ثم قالت لأم عامر: أين زوجها؟

- في الخارج

- أريد أن أكلمه

- وهل انتهيت؟

- نعم .. إنها تشكو من بعض الإرهاق فقط وستتحسن قريبا

خرجت أم سالم لتبشر عامرا بأن زوجته حامل ..

وإنما أرهقت نفسها بالركض فزاد عليها تعب الحمل ويبدو أنها في الشهر الأول

فرح عامر ودخل إلى خيمته ليرى زوجته العزيزة والتي ستكون أما لولده القادم بإذن الله

- على ماذا مبروك؟

- ألم تخبرك أم سالم؟

- لم تقل شيئا قالت بعض التعب وسيزول ..

- ولم تقل لك أنك حامل؟

- حامل؟

- نعم .. هي أخبرتني بذلك ولعلها تركت لي البشارة أن أبشرك وأمي

- (لمست بطنها ثم قالت) هل أنا حامل صحيح ؟ ولكن كيف تعرف هي بأني حامل

- إنها الطبيبة الشعبية الماهرة في قبيلتنا .. وتعرف بحكم خبرتها وتجربتها ..

الحمد لله يا سندس .. ستنجبين ولدا جميلا يشبهك

قامت سندس من مكانها وقد أحست ببعض النشاط ..

هل هذا الخبر أنساها حزنها على أهلها الذي أضناها كثيرا؟

اتجهت إلى الحقيبة لتفتحها وترى ما فيها :

أمي كم أحبك فأنت تعرفين ما أحتاج إليه .. ها أنت أرسلتِ لي بالملابس والحذاء وما هذا؟

إنها علبة ذهب فتحتها فإذا بها طقم من الذهب ومعه كرت صغير .. وكتب عليه ..

--------------------------------------------
ابنتي العزيزة لقد تخيرت لك ما تحبين ومالا تستطيعين شراءه في البادية هناك .. وزودتك بطقم من الذهب وأنا أعرف أنك لا تحبينه ولا تهتمين للبسه ولكن .. ماذا تقول عنك النساء البدويات هناك؟ هل يقلن أنك مسكينة لا تملكين ذهبا وأن زوجك غير قادر على إلباسك وأن أهلك لم يلبسوك من قبل؟ ..

لا لن يقولوا ذلك إذا ما رأوك تتحلين به أمامهن .. وأمام زوجك الذي ستعدينني بطاعته وخدمته فهو جنتك ونارك

ابنتي وحبيبتي

أرجو أن تعذري أباك فيما فعل فلعل هناك حكمة من عمله هذا ..

لن ندركها إلا فيما بعد .. مازلنا نذكرك ونحبك وننتظر أن يجمعنا الله بك
كم افتقدتك ..

أمك--------------------------------------------
وجدت أيضا بعض الهدايا لزوجها من ثوب وحذاء جديد ومن دهن العود ..

أشياء يحبها الرجال عادة .. ففرحت بها لأنها لمست فيها تقديرا من أهلها لزوجها البدوي

في الكيس وجدت أنواعا من الطعام الذي تحبه ..

فهذهـ علبة كبيرة من معمول التمر الذي تتقن صنعه أمها ..
فتحتها وأكلت منها وهي تستلذ بطعم طبخ أمها الذي فقدته بفراقها

وهذهـ علبة فيها مقدوس وأخرى مخلل وهذهـ بعض الحلويات ..

وهذا جبن المثلثات الذي لا تستغني عنه في فطورها حتى المربى والزيتون لم تنساه أمها

فرحت كثيرا وقالت يا لغبائي هذهـ الأغراض من يومين هنا ولم أفتحها ..

ستفاجئ زوجها بغداء ليس كالمعتاد .. إنه مما أرسلت أمها

.

/

/
انتظرت مجيء عامر قبيل المساء بعد أن ينتهي من رعي الأغنام ووضعت له الأصناف التي أرسلتها أمها ..

فقام بتذوقها وكأنها يختبر طعمها ثم استند وقال : أين الغداء؟

- هذا هو الغداء

- هل تمزحين؟

- ولماذا أمزح أنا جادة فيما أقول؟

- وأين اللبن؟

- إنه هنا .. لقد أرسلته أمك قبل قليل

- هاتي لي باللبن .. لعله يكفيني عن الغداء

- وهذا الطعام؟

- لم أعتد عليه .. تذوقته ولم يعجبني طعمه .. ما عدا هذا الذي فيه تمر

- تقصد المعمول؟

- نعم

قربت منه علبة المعمول فأكل منه حبات وشرب عليها اللبن ثم خرج ليتوضأ المغرب ويصلي ..

قبل أن يغادر الخيمة وقف مبتسما وهو ينظر إلى سندس ثم قال:

يا ليتك فتحتها من الأول حتى تشفين وتنشطين كما أراك الآن ..

ابتسمت وردت عليه: ولمِ لا ؟.. وقد أكلت من يدي أمي حماها الله

- إذن ترفقي .. ولا تأتي عليه كله في أيام .. أخاف أن ينتهي ولا أجد ما يجدد لك نشاطك وحيويتك

7


7
عاد الشتاء مرة أخرى إلى تلك الأجواء البدوية التي اعتادتها سندس فهي الآن قاربت مدة إقامتها هنا سنة كاملة..

وتحمل في بطنها جنينا في الشهر التاسع وهي مثقلة جدا به ..

وأكثر ما يشغل بالها .. هو أين ستلد هذا المولد الجديد؟ وليس هنا أي مستشفى أو مركز صحي؟

كيف ستواجه الولادة وآلامها هنا وحيدة؟ أم أنهم سيأتون بأم سالم لتولّدها؟

وهذا الاحتمال الأقرب

كم مرة طلبت من عامر أن يحملها إلى أقرب مركز صحي أو قرية ويتعذر منها بأنه لا يملك سيارة ..

ولا يحب أن يمن عليه أبناء قبيلته بسيارة وليس هناك حاجة ماسة لها

لم تتخيل يوما أنها ستجلس سنة كاملة دون أن تركب السيارة

وهي التي اعتادت ركوبها يوميا للمدرسة وقد تركبها مرتين في اليوم إن كانت ستخرج مع والدها للسوق أو للنزهة مع العائلة

عندما جاءتها آلام الولادة

:



:








:






جلست تبكي في خيمتها وحيدة ..

وعامر الذي تريده بجانبها كان في المرعى مع أغنامه ..

لذلك خرجت مسرعة إلى خيمة أم عامر تستنجد بها وتحكي لها ما بها من مغص وآلام لا تحتمل ..

عرفت أم عامر أن هذهـ أعراض الولادة فأسرعت إلى جارة لها تعرف لهذهـ الأمور

عاد عامر إلى خيمته فوجدها فارغة .. تلفت باحثا عن سندس .. فلم يجدها ..

بحث عن اللبن الذي ترسله أمه يوميا ليشرب منه .. فلم يجده أيضا

كان جائعا واستغرب أن أمه لم ترسل شيئا .. وسندس غير موجودة .. هل شربت اللبن؟

أو ذهبت إلى خيمة والدته لتشربه هناك؟

خرج مسرعا إلى أمه وعندما أراد الدخول كانت أمه خارج الخيمة تعد بعض الماء الساخن الذي طلبته منها جارتها لتنظيف المولود

أسرعت وأمسكت به من خلفه وقالت عامر يا وليدي .. مبروك ألف مبروك

التفت إلى أمه والدهشة المختلطة بالفرحة قد علت قسماته ثم قال لها: هل ولدت سندس؟


:






:


- نعم .. جابت ولد .. والحمد لله بصحة وعافية

- صحيح؟

- إيه والله يا ولدي .. انتظر قليلا .. لأرى إن كانت قد انتهت منها أم عوض

دخلت أمه وتركته واقفا بالخارج والفرحة تكاد تطير به حتى أنه لا يحس بأقدامه على الأرض

واللهفة لرؤية سندس ومولودها تكاد تسحبه إلى داخل الخيمة سحبا

عندما خرجت أم عوض من الخيمة رأت عامرا واقف خارجها يدور حول نفسه وقد نفذ صبره

فباركت له سريعا وقالت : تستطيع رؤيتها الآن ثم ودعته وهي تدعو له بصلاح الذرية

جلس عامر بجوار زوجته سندس التي أنجبت ولدا جميلا أبيضا وشعره خفيف وأصفر ..

إنه يشبهها تماما .. أخذه برفق وهو يقول: كيف يُحمل هذا الصغير ..

أول مرة أحمل طفلا بهذا الحجم .. أنه أقرب إلى العصفور ..

حتى شعره أصفر مثله (ثم ضحك وضحكت معه سندس رغم آلامها)



/ في الغد /

جاءت نساء القبيلة لزيارة سندس التي لم يتسن لهن رؤيتها كثيرا ..

وباركن لها .. وكن يحملن معهن القهوة أو الحليب الدافئ وبعض الأدوية للنفاس

أو يحملن بعض الصوف الذي حاكته أيديهن لتدفئ بها طفلها وتتدفأ هي أيضا

:::::::::::
::::::
::
:


في المدينة هناك

لم يعرف أحد بولادة سندس فعامر لا يملك هاتفا ولا أحد في القبيلة يملكه أيضا ..

وإنما يقطعون الطريق إلى إحدى المحطات البعيدة على الطريق ويكلمون من هناك من هاتف عمومي

فكر عامر في أن يكلم أهلها من تلك الهواتف البعيدة ولكن كيف وهو لا يعرف لهم رقما ؟

عاد إلى سندس ليسألها عن رقم هاتفهم فأخبرته وقد فرحت لاهتمام زوجها بأهلها

7

7
سار عامر إلى المحطة التي تبعد أكثر من عشرين كيلو .. ولم يصلها إلا مع غروب الشمس ..

اتصل بأبي سندس ليخبره بالخبر السار .. ثم قفل عائدا إلى خيمته وهو يؤمل أن يأتوا أهلها لزيارتها

فقد لاحظ عليها بعد ولادتها حنينها الشديد لأمها خاصة ولأبيها وأخوتها ..

كلما حملت طفلها كانت تقول له : وهل عانت أمي في ولادتي كما عانيت أنا؟ ..

ما أصعبها .. والأصعب أن أبتعد عنها ..

هل تحبينني يا أمي بهذا القدر الذي أحب فيه طفلي .. ثم تدمع عيناها وتبكي

عندما عاد عامر قامت فرحة لتسأله: هل ردوا عليك؟

- نعم .. لقد كلمت أبيك

- وماذا قال؟

- بارك لك ودعا له بالصلاح

- ولم يقل شيئا آخر؟

- لا

- لم يقل أنهم سيأتون؟

- لا

- ألم تطلب منه ذلك؟

- بلى .. طلبت منه أن يأتي .. فقال ربك يسهل .. فقط

- خسارة .. لقد انتهت إجازة الربيع .. ولا أعتقد أن أبي يستطيع القدوم خلال أيام المدرسة وأخوتي يدرسون

- ولماذا لا يأتون في نهاية الأسبوع؟؟

- أتمنى ذلك .. لعل أمي تصر على رؤيتي .. ومن ثم يطيعها والدي

- ادعي الله أن يأتي بهم إليك

- يا رب .. لقد اشتقت إليهم .. وأنا الآن في حاجة لأمي .. يا رب يأتون بأسرع وقت

:

:

:

" في المدينة وفي بيت أبو محمد "


لم تنم أم سندس تلك الليلة عندما سمعت بخبر ولادة ابنتها ..

كانت تصلي طوال الليل وتدعو الله أن تلتقي بابنتها سريعا ..

وكلما استلقت على سريرها لتنام يأتيها خيال ابنتها سندس وهي تبكي وقد أضنتها آلام الولادة فتقوم مفزوعة



* في الغد *

لم تستطع أم محمد تولي شئون البيت من نظافة وطبخ بسبب الإرهاق وقلة النوم وكثرة التفكير الذي أصابها بالصداع ..

وعندما عاد أبو محمد استاء من الوضع ولكنه لم يوبخها بسبب الإرهاق البادي على زوجته

قال لها: هل نذهب إلى المستشفى؟

- دوائي ليس بالمستشفى؟

- أين؟

- في البادية .. عند سندس .. لن أتحسن إلا برؤيتها ..

أرجوك لا تخلق أعذارا فقد نفذ صبري وجاوزت حدي في القدرة على التحمل ..

إن لم نذهب فسأنهار وتتحمل أنت نتائج قسوتك وكبريائك

- على هونك .. فلم أرفض حتى تهددين بهذا الشكل

- هيا إذن

- اليوم الاثنين والأولاد في المدرسة .. لننتظر إلى الأربعاء

- وهل يحتمل قلبي الانتظار؟

- أم محمد ألا تريدين شراء بعض الهدايا لابنتك وحفيدك؟
(قال لها ذلك ليشغلها عن فكرة السفر يوم الاثنين)

- بلى

- إذن سنخرج اليوم وغدا للسوق وسنجهز حالنا للسفر الأربعاء .. ما رأيك ؟

- (وكأنها تفكر بالهدايا التي نستها) الشكوى لله .. سننتظر .. ونتعلل بشراء الهدايا ..

ولكن هل أسمت سندس مولدها؟

- لا.. قال لي أنهم مختلفون قليلا وسيسمونه إذا أكمل أسبوعه الأول

- ومتى يكمل؟

- يوم الخميس سيكون سابعه

- إذن سنحضره إن شاء الله

- إن شاء الله

انتعشت أم محمد فقامت لتجهز أغراضا لابنتها العزيزة والتي غابت عن ناظريها عاما كاملا ..

وهي التي كانت لا تقوى على فراقها بضعة أيام ..

أخيرا سأراك يا سندس يا حبيبتي

سأكحل عيني برؤيتك وأضمك لصدري الذي افتقد بضعا منه ..


هل تغيرتِ هل سمنتِ ؟ .. هل أصابتك الشمس ببعض السمرة؟

وهل أصابتك الصحراء ببعض القسوة والخشونة؟

كيف أنت؟ آه .. لا أتحمل الانتظار ليومين قادمين

متى يأتي الأربعاء؟؟

:


:



:







:


تبتلع سيارة أبو محمد الطريق القديم..

وقد ساروا لمدة ثلاث ساعات متواصلة ولم يتبق الكثير ليصلوا إلى محل قبيلة عامر البدوية ..

كانوا جميعهم متحرقين ومتلهفين لرؤية سندس وابنها البدوي

أخوتها في الخلف كانوا يتناقشون في شأن الصغير

فأفنان تقول: لن أحبه ذلك البدوي حتى لو كان ولد سندس

فيرد محمد : أنا أحب أي ولد لسندس حتى لو بدوي

وترد جنى الصغيرة: إذا يشبه سندوسه(اسم الدلع) أحبه إذا ما يشبهها ما أحبه

فيضحكون من كلامها ويرد عليها والدها: وإذا يشبه خالته (جنو)؟

- طبعا أحبه

كان قد وازى في الطريق خيام قبيلة عامر فقال لأولاده: لقد وصلنا ولكن انتظروا حتى أنظر ما الوضع هناك؟

نزل أبو محمد سائرا باتجاه الخيام وكان الجو ماطرا قليلا والأرض رطبة والهواء بارد ..

أخذ يسرع قبل أن يبتل بالمطر .. ولما اقترب من الخيام المترامية .. وغير المتقاربة ..

فكل واحدة تبعد عن الأخرى مسافة وقد تكون هناك خيمتان متقاربتان نوعا ما .. إما لأب وولده أو لأخوة

وقف لا يعرف أيها خيمة عامر حتى جاءه رجل يركض من بعيد من الجهة الشمالية من الخيام ..

.[/align]
__________________

ابوعبدالله 2000
ابوعبدالله 2000 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس