عرض مشاركة واحدة
قديم 05-13-2008, 05:29 AM   #8




 
تاريخ التسجيل: Jan 2006
المشاركات: 1,935
معدل تقييم المستوى: 261
ابوعبدالله 2000 is on a distinguished road
افتراضي رد: قصـــــــــــــــه منقوله

[align=center]في إجازة بين الفصلين يحتفل أقارب أبي محمد بقدومه مع عائلته ..

ولكن قدومهم هذه المرة يختلف عن المرات السابقة ..

لقد قدمت معهم سندس التي لم تزر الأردن من تسع سنوات ماضية

نزلت عائلة أبي محمد في بيت جد سندس لأمها والذي يكون في نفس الوقت خالا لأبي محمد .. أما جدها لأبيها فمات في فلسطين من سنوات خلت

كان الجميع متلهفا لرؤية سندس البدوية بحكم سكنها في البادية منذ تزوجت .. ويتساءلون هل غيرتها البادية؟ وهل غيرت طباعها؟ واهتماماتها وذوقها؟

لقد تخيلوا امرأة تلبس ثوبا مشجرا طويلا وأكمامه طويلة فضفاضة وعليها وشاح أسود يصل لركبتيها وقد لبست برقعا أو نقابا .. وقد أثرت الشمس في يديها فرسمت حدا للسمرة عليها

أما أولادها فلم يتخيلوا لهم صورة أحسن أو أفضل مما تخيلوه لأمهم .. !

000000000000000000000000000000 0

في ذلك المنزل المتواضع تجمع أخوة أم محمد وقد حضرت بنت عمتهم التي هي أخت محمد لاستقبال القادمين من السعودية .. ولصنع عشاء يكفي المجتمعين في تلك الليلة

وعلى مشارف عمّان كانت سيارة فان تدخل العاصمة الأردنية ..

وقتها سليمان وأسيل صرخوا بأمهم: ماما لقد دخلنا عمان .. وصلنا أخيرا .. أخيرا يا ماما سنرى عمان التي حدثتنا عنها كثيرا ..

لم تجبهم سندس التي لا تريد أن يحس أحد بأن عبرتها تخنقها .. وبأن قلبها يكاد يقفز من بين ضلوعها .. (هذه المرة دخلتك يا عمان غير كل مرة أدخلك فيها سابقا

هذه المرة أدخلك مع أولادي .. وقد كبرت عن سن الطيش .. وتغيرت طباعي وأخلاقي .. أدخلك هذه المرة زائرة أو ربما ضيفة .. لن تلبث أياما وتعود إلى ديارها

في المرات السابقة كنت أحس أني عندما آتي إليك أني أزور موطني وأتشبث وأفتخر بك .. وكنت أدخلك وإحساسي كإحساس مهاجر عاد إلى موطنه وقد خطط أنه في إحدى عوداته لن يخرج منك

أما الآن .. كل شيء تغير الآن .. الآن أدخلك غريبة .. سائحة .. وأعرف أني سأعود سريعا حيث موطني الذي تبنيّته وتبنّاني .. ربما هي البادية أو هي المدينة .. المهم أنه مكان سكنت فيه سنوات ونبت أولادي الصغار فيه

الآن أدخلك وقد ذُبحت آمالي فيك وفي من يسكنك منذ سنوات .. وانقطعت علاقتي بهم وكأنه حبل وانقطع ..)

ثم تذكرت كيف كانت تزور أقاربها وقد اختالت عليهم وتكبرت .. وكيف كانت تلبس أمامهم أجمل الملابس .. وتبهرهم بآخر الموضات .. وكيف كان همها أن تظهر بمظهر الممثلات والمغنيات

أما الآن فهي لا تدري الدنيا كيف تسير ولا الموضة ولم تر التلفاز ولا تدري كيف تطور لباس الناس .. وأكبر دليل على ذلك أنها فوجئت بالتغيير الكبير في أذواق الناس في كل شيء

000000000000000000000000000000 0
يسرع سعيد أصغر خال لسندس ليفتح لهم الباب ويدخلهم المنزل .. كان يسلم عليهم بشوق وفرح ويبحث بين الوجوه عن وجه غاب عنه تسع سنوات ... أين هي سندس؟

نظر لطفل في الثامنة من عمره أبيض البشرة وقد علت وجهه سمرة خفيفة يخالطها احمرار .. وهو نسخة مصغرة من سندس .. نفس العينان العسليتان ونفس الشعر البني اللامع ونفس الملامح الجذابة

لكنه نحيل وسندس كانت ممتلئة عندما كانت في سنه .. مسكه من كتفيه وسأله: ما اسمك يا بابا؟
- سليمان
- أنت ابن سندس إذن؟
- نعم .. أنا سليمان عامر الـ...

نظر سعيد للمرأة المتنقبة التي وقفت خلفه .. فصرخ: إنها عيناك يا سندس .. اكشفي .. فأنا خالك ...

كشفت سندس وجهها عندما تأكدت أن المكان ليس فيه أحد غريب ثم سلمت على خالها بشوق .. وكانت أسيل قد أمسكت بعباءة أمها تنظر لهذا الغريب الذي يسلم على والدتها

نظر سعيد إلى الصغيرة وقال: هذه أسيل أليس كذلك؟
- نعم إنها أسيل (أجابته سندس)
- أما هذه فبدوية .. لا بد أنها تشبه أباها
- وهذا ما يزيدها جمالا
- آه .. لا بد أنك مغرمة بزوجك
- وهل عندك اعتراض؟
- مازلتِ سندس التي أعرفها .. هذه الكلمة تحفظينها منذ كنت صغيرة (وهل عندك اعتراض؟) .. (ثم ضحك)
- ألا ندخل يا خالي .. لقد دخل والديّ وربما أكلوا العشاء ونحن نقف هنا في البرد !
- حقك علي .. ولكني متشوق لرؤيتك ولرؤية أبنائك .. ولكن.. (ثم جال ببصره باحثا عن ولدها الصغير)
- ولكن ماذا؟
- أين حسام؟
- دخل مع أمي .. إنها يحبها أكثر مني وقد لحق بها
- حتى أولادك لحقهم عشق الجدات؟
- نعم رغم أننا لم نسكن بجوار أهلي إلا من ثلاثة أشهر .. ولكنهم يحبون أمي ويفضلونها علي أحيانا
- هيا .. لا أريد أن أؤخرك أكثر من ذلك

لم يكن استقبال الجميع بأقل من استقبال سعيد ولا شوقهم بأقل منه .. فهذا ينتظر دوره في السلام على سندس ... وهذه تلتقط سليمان وتسحبه لتسأله عن اسمه وعن والده ... والأخرى تضم أسيل التي أعجبتهم بغرابة ملامحها .. فعيناها سوداوان واسعتان ولها أهداب طويلة وبشرتها برونزية اللون وشعرها أسود ولامع وكثيف

وأما جد سندس فاستأثر بحسام الصغير فوضعه في حجره وأخرج له من جيبه بعض الحلوى .. ثم أخذ يمسح على شعره ويقبله على خديه .. لقد أحبه فهو يذكره بسندس عندما كانت في عمره

ثم نظر إلى سندس عندما جلست بجواره وسألها : يبدو أنك تحبين الأولاد أكثر من البنت؟
- ولماذا يا جدي؟
- لأنهم يشبهونك أكثر منها (ثم ضحك ليبين لها أنه يمزح)
- ربما (وابتسمت لممازحة جدها لها)
7
لم تكن عيونهم لتفارق سندس وأولادها .. وهي التي لم تزدها البادية إلا جمالا ورشاقة .. فبالرغم من أنها أنجبت ثلاثة إلا أن جسمها رشيق جدا وقد يكون بسبب المشقة والعمل في البادية التي لا تسمح ببناء اللحم في جسمها

لقد تغيرت سندس كثيرا .. هاهي تحب العمل والنشاط .. ومع أنها ضيفة إلا أنها قامت معهم لتساعدهم في تقديم العشاء ..

أين سندس التي كانت تتهرب من العمل وتتأفف من والديها؟ .. وأينها عندما كانت تتكبر عليهم ولا تريد أن تعمل معهم أو تنظف معهم في المطبخ؟ .. أين سندس التي لا يهمها إلا مظهرها؟ .. وأكبر همها أن لا تتأثر أظافرها أو يتخدش المناكير فيها ..!

حتى أسلوبها وطريقتها في الحديث تغيرت كثيرا .. فلم تعد تتعالى بصوتها ولم تعد تقاطعهم في حديثهم .. ولو أنها ما زالت تحتفظ ببعض الكلمات والجمل التي تذكرهم بها عندما كانت صغيرة ..

ولبسها أيضا تغير .. فهي الآن تلبس الملابس الساترة والبسيطة .. وأولادها كذلك

لقد أسرتهم بكل ذلك .. وأعجبتهم بدماثة أخلاقها وببساطة حديثها .. وبالبشر يطفح من محياها ..

وبعد العشاء استأذنت عائلة أبي محمد للذهاب إلى شقتهم ليرتاحوا فيها .. وتواعدوا أن يجتمعوا غدا على الغداء .. وبعدما خرجوا .. لم يكن لهم حديث إلا سندس وأولادها

000000000000000000000000000000 00

قضت العائلة عشرة أيام في الأردن وستعود إلى السعودية لتستأنف الدراسة هناك .. وكانت هذه الأيام العشرة هي أول فترة تسافر فيها سندس وتترك زوجها في السعودية

لذلك أحست بالشوق إليه وإلى حديثه وإلى نظراته المبتسمة دوما .. ولذلك اشترت له بعض معاطف الفرو التي يحبها

لقد كان لهذه الأيام العشرة أثرها في نفسها .. فقد زادت قناعتها بحياتها وبزوجها .. ومما زادها اقتناعا رؤيتها لبنات خالتها وعمتها واللاتي لم يكن حظهن بأحسن حظا منها .. فبعضهن لم تتزوج إلى الآن، والتي تزوجت .. إما أنها تواجه مع زوجها مصاعب الحياة وغلاء المعيشة وشبح البطالة .. أو أنها انفصلت عن زوجها لخلافات بينهم

أما شباب العائلة التي كانت تعرفهم وتتوقع سابقا أنها ستكون نصيبا لواحد منهم فتفرقوا هنا وهناك .. أحدهم مهاجر للغرب باحثا عن رزقه وآخر رضي بمهنة بسيطة لا تكاد تغطي مصاريفه وعائلته .. ولم تكن حالهم بأحسن من حال عامر زوجها

وفارس الذي كان ينتظرها تزوج هو الآخر وهاجر للكويت من أربع سنوات وهو يعمل هناك في إحدى الشركات .. وهو الآخر لم يعد يهمها ولم يعد له مكان في قلبها بعد أن استحوذ عليه زوجها وحبيبها عامر

لم يستحوذ عليه بماله أو جماله أو مركزه أو جاهه.. بل...

لقد استغرق وقتا طويلا ليكسب محبتها بمعاملته لها وخلقه وحبه الذي كان يسقيها منه حتى صارت مثالا للحنان والحب الفياض

0000000000000000000000000000
7في اليوم الأخير خطبت صفاء أخت أبي محمد ابنته أفنان لولدها عصام الذي تخرج حديثا من الجامعة .. فقد أعجبتها بهدوئها وأخلاقها وتجنبها للمكان الذي فيه رجال وشباب

فوعدها أخوها أبو محمد أن يرد عليها بعدما يستشير أفنان في ذلك ..

وبعدما عادوا إلى المدينة شاورها والدها في ابن عمتها .. هل تقبل بالزواج منه؟؟
ردت أفنان: وهل سأسكن هناك بعيدا عنكم؟
- ربما .. فهو يبحث عن عمل الآن
- أبي .. أنا لا أرتاح لهذا الموضوع .. هل لك أن تقفله
- ولماذا؟
- .......
- هل معنى ذلك أنك ترفضين؟
- .............
- ردي يا أفنان؟
- أبي .. ألا تريد أن تكون عادلا بين بناتك؟
- هذا ما أسعى إليه وأدعو الله أن يوفقني له
- إذن ..
- ماذا؟
- لا أريد زوجا أقل من عامر زوج سندس .. فأنا أحسدها عليه ..
- ..... (صمت الأب واحتار فيمَ يرد على ابنته)
- أبي أنا أستأذنك

خرجت أفنان بعدما تركت أبوها في حيرته وهو يقول في نفسه ومن أين لي بمثل عامر؟ لقد كان مثالا وحده ..وإن ظللت تنتظرين يا أفنان مثله فلن تتزوجي على الأغلب ..!

بعدها بأيام شكا والدها ما دار بينهما لسندس وهو يتمنى منها أن تقنع أختها بالموافقة على ابن عمتها .. وأن لا تتطلع لزوج مثل عامر .. فليس في يديه أن يخلق مثله ليزوجها إياه

ابتسمت سندس وقالت لأبيها: وما أعجلك عليها .. أفنان ما زالت صغيرة في السابعة عشرة من عمرها .. قل لعمتي أنها ترفض الزواج الآن .. ولن تتزوج إلا بعد حين
- وهل ضرك عندما تزوجت وأنت صغيرة يا سندس؟
- لا .. ولكن لم ترغمها على زوج لا تريده وسكنه بعيد .. لتصبر عليها فربما جاءها نصيب خير منه
- ربما .. ولكن ماذا أقول لعمتك؟
- قل أنها لا تريد الزواج الآن وهي صغيرة أيضا
- .................
- يا أبي خاطر أفنان أهم من خاطر أختك ولا ترغم أفنان مجاملة لأختك .. أبي فكر بمصلحة ابنتك أولا ثم رد على عمتي

ثم قامت سندس وتركت أباها يقلب الموضوع وحده

فكر الأب وفكر كثيرا ... فكر بعصام ابن أخته شاب طيب وأخلاقه مستقيمة ولكنه خريج ولم يجد عملا إلى الآن .. هل يزوجه ابنته ويتركهما يواجهان الحياة الصعبة .. ؟؟

اتصل بأخته ليقول لها .. هل لك أن تؤجلي هذا الموضوع فمازالت أفنان صغيرة وعصام لم يجد عملا بعد ..

كان حديثه إيحاءا لأخته بأن تنظر في حال ابنها أولا .. فلا بد أن يعمل وبعدها يتقدم لأفنان وربما تكون قد كبرت قليلا

00000000000000000000000

عندما علم عامر بالموضوع اقترح على أبي زوجته أن يبحث لابن أخته عملا هنا في المدينة ومن ثم يزوجه ابنته وبذلك يكون قد رمى عصفورين بحجر

أعجب أبو محمد بفكرة عامر الذي تحمس لعصام فقام يبحث عن عمل له .. وفعلا بعد أشهر وجد له عملا في مؤسسة تجارية تعمل في مجال الأثاث

0000000000000000000000000000
7
بعد سنة كانت أمور كثيرة قد تغيرت ... فسندس وضعت ابنها الثالث والذي أسمته أحمد على اسم والدها .. ربما أسمته عليه بعد أن رضيت تماما بما فعله بها عندما زوجّها لعامر .. فصارت تتذكر ذلك الحدث وكأنه أجمل حدث في حياتها

ومحمد دخل الجامعة بعد أن نجح بتفوق من الثانوية العامة .. أما أفنان فتزوجت من ابن عمتها عصام بعد أن ضمنت أنه سيعمل في المدينة وستسكن بجوار أهلها كما جاورتهم من قبل سندس

أما عامر فقد قُبل في الدراسات العليا وسيتغرب بعض الوقت عنهم لأنه سيدرسها في جدة .. وهو الآن مطمئن لعائلته الصغيرة .. التي ترعاها زوجته الحبيبة سندس

قبل أن يذهب إلى جدة وفي صيف ذلك العام .. عزم عامر عائلة أبو محمد وعصام العريس الجديد وزوجته ليأتوا إلى موطنه القديم حيث الخيمة والبادية

وفي ذلك النهار توقفت ثلاث سيارات .. سيارة عامر وسيارة أبي محمد وسيارة عصام

نزلت العائلات الثلاث ليتذكر البعض تلك الأحداث بينما يتخيلها الآخرون الذين لم يحضروها كعصام والأطفال الصغار

دخل عامر خيمته التي هجرها ما يزيد عن سنة .. وتذكر سندس عندما كانت عروسا صغيرة .. ثم نظر إلى الخيمة التي خلفها .. خيمة أمه رحمها الله .. فدمعت عيناه لذكراها

في هذا الوقت نادته سندس وهي تقول: هيا يا عامر لندخلهم عن الشمس .. مالك تقف صامتا؟
نظر في عينيها وقال لا شيء .. أحس بالحزن على خيمتنا التي جمعتنا سنوات وها نحن الآن نهجرها .. كأم وحيدة ربت أولادها فلم استغنوا عن ظلالها هجروها
- ولكنهم عادوا ليزوروها (ثم ابتسمت لتخفف عنه أحزانه وحنينه)
- وهل سنزورها كل عام؟
- وما المانع؟
- وهل ستصمد أمام المطر والرياح؟
- ستصمد إذا كانت تعرف أننا سنزورها ولن ننساها
- ربما (وخرج ليجلب الغداء من السيارة ويتغدا الجميع في الخيمة التي احتضنتهم كأم فرحت بعودة أبنائها)

00000000
00000000
000000
0000
00
00 [/align]
__________________

ابوعبدالله 2000
ابوعبدالله 2000 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس