عرض مشاركة واحدة
قديم 07-20-2006, 09:09 AM   #4






 
الصورة الرمزية أبـــ بنت ـــوهـا
 
تاريخ التسجيل: Mar 2006
المشاركات: 18,134
معدل تقييم المستوى: 30
أبـــ بنت ـــوهـا has a spectacular aura aboutأبـــ بنت ـــوهـا has a spectacular aura aboutأبـــ بنت ـــوهـا has a spectacular aura about
افتراضي رد: (( أبــطـــــــــال من الصحــــــراء ))

[align=center]أما قبائل شمر فلم ينسوا ما خسروه من ديارهم , لقد أرسلوا رسلهم إلى قبائل شمر النائية
يستنجدونهم على سعدون العواجي وأبنائه , وفي هذه الأثناء غزا هايس القعيط , شيخ قبيلة
آل بريك – شمر - , من الجزيرة بالعراق , ومعه سبعون فارسا غزا بلاد ( ولد سليمان ) ,
جماعة سعدون العواجي , وعندما كمن بالقرب من مفالي ابل ( ولد سليمان ) رآهم شخص من
قبيلة آل سويد من شمر . كانت والدته من جماعة سعدون العواجي , وهم أخواله , فذهب لهم
وأنذرهم هجوم شمر أهل الجزيرة الذين يترأسهم هايس القعيط , - لذلك سميت عائلة هذا
الشخص بـ ( النذرة ) ولا زالوا بهذا الاسم حتى الآن بين شمر - , وعندما علم ( ولد سليمان )
أن هايس القعيط ومن معه قد كمنوا لإبلهم , هبوا وركبوا خيولهم , وراحوا للإبل بالمفلى من
ليلتهم , وفي الصباح أغار عليهم جماعة هايس القعيط , يتقدمهم زعيمهم البطل الشجاع هايس
, وحصلت المعركة بينهم , وهزم هايس القعيط وجماعته وألقي القبض على سبعين شخصا
من جماعة القعيط يحملون الماء والشعير , للسبعين الجواد التي عليها الفرسان , وهؤلاء
يسمون ( زماميل الخيل ) , وراح عقاب يطارد فرسان شمر المنهزمين , واتبعه أخوه حجاب ,
وعندما أبصر هايس القعيط عقابا لوحده وأخوه يتبعه بعيدا عنه , التفت إلى جماعته , وقال
اليوم هذا يوم الثأر , انظروا عقابا وحده , والذي أتى به اليوم هو حظكم يا فرسان شمر ,
ويجب علينا أن نهب عليه جميعا لعلنا نظفر به , وإذا أراد الله وقتلناه , فقد أخذنا ثأر شمر
جميعها , وذكرهم بفارس شجاع قتله عقاب بالعام الماضي , وهو هذلول الشويهري , وكان
عزيزا على كل قبائل شمر , وفقدانه كان خسارة عليهم , فشحذ هممهم , واستثارهم , فصمموا
أن يهبوا هبة رجل واحد , وفعلا جرى ذلك عندما اقتربوا من كثبان الرمل المسماة ( زبار اريك ) ,
وكان عقاب على مقربة منهم , فرجعوا شاهرين سلاحهم صفا واحدا ورشقوا عقابا بسلاحهم
فقتلوا جواده , فخر على الأرض , ثم نزلوا عليه وقتلوه , واستمروا يطاردون أخاه حجابا
فظفروا به وقتلوه , حصل هذا وفرسان ( ولد سليمان ) لا يعلمون عما حصل شيئا , وكانوا
منشغلين عند السبعين شخصا الذين أسروهم , وبقوا يتقاسمون غنيمتهم , وما علموا أنهم
خسروا بذلك عقاب الخيل وأخاه حجابا , وبهذا انهدم عز الشيخ سعدون , وتداعت أركان مجده ,
بفقدان أعز أبنائه .




وعندما رجع فرسان ( ولد سليمان ) مع ابلهم بالليل , أخذ سعدون العواجي , يقابل كل كوكبة
من الخيل يسأل عن عقاب وحجاب , فيقولون له عهدنا بعقاب والخيل هاربة عنه , وهو يطاردها ,
وبقي سعدون على هذه الحال يسأل عن ابنيه , وعندما قرب الصباح وعقاب وأخوه لم يرجعا ,
وكان سعدون ساهرا طوال ليله والأسى يخامر نفسه , فقال هذه القصيدة :


البارحة نومي بـروس الصعانيـن***طوال ليلـي مـا تهنّيـت بمـراح
كبـد نعالجهـا بعـوج الغلاويـن***وروابع ٍ ما تـودع القلـب ينسـاح
بلاي والله يا مـلا خابـر ٍ شيـن***تظهر علينا مرمسـات ٍ الـى راح
اللي يكفّ الخيـل كـفّ البعاريـن***ويرخص بروحه يوم يغلون الأرواح
خيّالنـا يـوم اكتـراب الميازيـن***ويرعى بظله بالخطر كل مصـلاح
حالوا عليه اللي على الموت جسرين***لا وابعيْنـي مـا يجاجـون ذبـاح


وبعد أن تأخر رجوع عقاب وحجاب , رجع فرسان ( ولد سليمان ) يبحثون عن زعيميهما ,
فوجدوهما قتيلين عند زبار ( اريك ) فدفنوهما على قمة كثيب من الرمل تسمى
بـ ( أبرق الشيوخ ) ولا زال بهذا الاسم حتى الآن . .

ورجعوا حزانى فقتل ( ضبيب ) الأسرى بثأر عقاب وحجاب , وهذا لم يكن مستحسنًا بعادات
القبائل في الجزيرة العربية ,

أما الشيخ سعدون فقد كبر مصابه بعد مقتل ابنيه , الذين أشادا مجده , وسجلا له مفاخر
لا زالت باقية لعائلة العواجية , وملكا قبيلتهم ديارا لا زالوا عائشين بها , وقد قال الشيخ
سعدون أشعارا كثيرة بابنيه , وهاتان قصيدتان منها , أولها :


ياونـة ونيتهـا تـسـع ونــات***مع تسع مع تسعين مع عشر ألوفي
مع كثرهن باقصى الحشا مستكنات***عداد خلـق الله كثيـر الوصوفـي
ونة طريح طاح والخيل عجـلات***كسره حدا الساقين غـاد ٍ سعوفـي
على سيـوف بالملاقـى مهمـات***سيفين أغلى ما غدا مـن سيوفـي
وعلى محوص بالمـوارد قويـات***أسقي بهن لـو القبائـل صفوفـي
احشم بحشمتهن ولو هـن بعيـدات***وأنام لـو ان الضـوارى تحوفـي
خليتني ياعقاب مـا بـه مـروات***عيالك صغار والدهر بـه جنوفـي
من عقبكم ما نبكي الحي لو مـات***ولاني على الدنيا كثيـر الحسوفـي
ياطول ما جريت بالصـدر ونـات***على فـراق معطريـن السيوفـي
وياعقاب عقبك شفت بالوقت ميلات***واوجست انا من ضيم بقعا حفوفي
مرحوم يا نطّاح وجـه المغيـرات***إن جن كراديس السبايـا صفوفـي
مرحوم يا مشبع سبـاع ٍ مجيعـات***وعز الله أنـه عقبكـم زاد خوفـي
الخيل تدري بك نهـار المثـارات***ياللي على كل المـلا فيـك نوفـي
والخيل تقفي من فعولـك معيفـات***تاطا شخانيب الرضم مـا تشوفـي


لا شك أن الشيخ سعدون فقد ساعدين من سواعده , بنيا له أرفع قمة من المجد , بفيافي نجد ,
بين قبائلها , وقد اشتهر عقاب وحجاب بين القبائل , وكانا محل إعجابهم بالجزيرة , ويضرب
بهما المثل حتى الآن , فإن الناس إذا أعجبوا بشخص أو بعدد من الأشخاص يقولون كأن فلانا
عواجي , أو كأن هؤلاء من العواجية , نسبة إلى عقاب وحجاب , ولا زال هذا المثل ساريا في
نجد حتى الآن .

وهذه القصيدة الثانية :


يا علي وين اللي رعينا بهـم هيـت***حال اللحد مـن دونهـم والظلامـي
البارحة يـا شمعـة الربـع ونيـت***ونة صويـب ومكْسِـرِه بالعظامـي
أوما الشجر وانا بعد مثلـه أوميـت***أومـاي صقّـار ٍ لطيـره وحامـي
طير ٍ ليا جا الصيد يشبع هل البيـت***جته هبـوب ٍ مـع جـراد ٍ تهامـي
عز الله اني تو , يـا علـي ذلّيـت***تبيّنَت وانـا علـى النـاس كامـي
وعز الله اني مع شفا البيـر هفّيـت***هفّة قفـي ٍ مـن عجـوز المقامـي
واليوم مـن باقـي حياتـي تبرّيـت***عقب الشيـوخ معدليـن الجهامـي
ويا علي عفت الحي من كثر ما ريت***وجرّيـت للونـات والقلـب دامـي
وعذّبت قلبي فـي كثيـر التناهيـت***والعين عيّـت مـن بلاهـا تنامـي
راح عقاب الصيرمي شايع الصيـت***يا علي من عقبه تراعـد عظامـي

وهذه القصيدة شكى بها إلى صديق له يسمى عليا , يسأل عليه ويقول أين الذين كنا نرتع بهم
في الفيافي , الآن أصبحوا من أصحاب اللحود , وأصبحت الظلمة تحول بينه وبينهما , إنه
يسهر الليالي , ويئن مثل كسير العظام , إنه يرتجف ويومئ كما تومئ الشجرة , إنه الآن يحس
بالخيفة , ويذل من كل شيء , وقد ظهر ذلك للناس , ولم يستطع أن يخفي خوفه , لقد أخذ
يتبرأ من حياته , بعد أبنائه , إنه أباح ما يخفيه , بعدما تزلزلت الجبال التي كان يلتجئ في
حماها , إنه بعد أن فقد عقابا بدأت ترتعد عظامه , وفرائصه ,
إنه فقد بطلين لا يمكن أن يقاضي بهما .
لم يبق لسعدون بعدهما من يعتقد فيه خيرا , إلا حفيديه الصغيرين ابني عقاب وحجاب الحبيبين ,
لقد أخذ يربيهما , ويعلمهما فنون القتال , آملا أن يأخذا ثأر أبويهما من هايس القعيط .

وعندما كملت رجولتهما , طلب أن يقول كل واحد منهما قصيدة , يبين فيها أنه سيأخذ ثأر
والده , وعمه , وإذا أجاد أحدهما القول فسوف يعطيه المهرة بنت فرس عقاب المسماة
( فلحا ) وهذه آصل فرس عند قبائل ( ولد سليمان ) فقال ابن حجاب قصيدة لم تعجب جده ,
ثم قال ابن عقاب قصيدة أعجب بها , وهذه هي القصيدة :


يا ليت منهـو جـذ فلحـا ثنيّـه***والا رباع مسوسـده بالمساميـر
أبي الى ما قيل زيعـت رعيّـة**وتوايقن مـع الحنـي الغناديـر
انطح عليهـا سربـة ٍ زوبعيّـه***يجهر لميع سيوفهـا والمشاهيـر
متقلـد ٍ سيـف سـواه الحنيّـه***أدور أبويه عند روس الخواويـر
أن كان ما ليّنـت بالحبـل ليّـه***ماني عشير اللي نهوده مزابيـر
لا بد من يـوم ٍ يزرفـل كميّـه***وكل ٍ يحسّب مربحه والمخاسير
ثار ٍ لبوي عقاب فرض ٍ عليّـه***عليه وصاني زبون المقاصيـر
سعدون جدي هو خلـف والديّـه***شيخ الجهامه والسلَف والمظاهير
دين ٍ على هايس زبـون الونيّـه***أن ورّدوهن مثل اثامي الخنازير
عيب ٍ علـي العـزوة الوايليّـه***واحرم من الفنجال وسط الدواوير




لقد فاز بالجائزة ابن عقاب فأعطاه جده الجواد بنت ( فلحا ) وأخذ سعدون ينظر إلى
ابن عقاب بإعجاب , ويداعبه الأمل أنه سيشفي غليله , ويأخذ الثأر من الشيخ هايس القعيط .

ومن الفرص الغريبة التي قدر فيها لابن عقاب أن يأخذ بثأر أبيه وعمه , ويقضي على هايس
القعيط , أنه حصل بين غنيم ( الربضا ) بن بكر شيخ السويلمات من العمارات , حصل بينه
وبين هايس القعيط تصادم في وديان عنزة , وطال الحرب بينهما , وأرسل غنيم بن بكر
الربضا لقبائل عنزة , يطلب منهم النجدة والعون , وكذلك هايس القعيط أرسل لقبائل شمر
يستنجدهم , فأخذت الإمدادات من كل القبيلتين تترى على موقع المعركة , وقد سنحت
الفرصة لسعدون العواجي , فعندما علم بذلك , أمر حفيده , وأمله الوحيد , ابن عقاب ,
بالشخوص فورا إلى المكان الذي تدور فيه رحى الحرب بين غنيم وبين هايس . . .
وأوصاه بأن لا ينسى ثأره من قاتل أبيه وعمه .

لقد سارع ابن عقاب إلى أمنيته التي كان يترقبها , فاشترك بخوض المعركة , وكل ما يهمه
هو أن يرى غريمه وقاتل أبيه وعمه , وبعد أن رآه بأم عينه , وتأكد من شخصيته , وليست
بخافية , لأن شخصية هايس القعيط معروفة , مقداما جريئا , لا يرهب الموت , ودائما هو
في مقدمة الفرسان , رغم تقدمه بالسن , وعندما هجم هايس على فرسان عنزة , يتقدم فرسان
شمر , انقض عليه ابن عقاب مثل النمر الكاسر , وأغمد ذبابة سيفه بخاصرته , وانتحى به
عن مكان المعركة , إلى أن ابتعد عن الفرسان , ثم أمسك رقبته وترجل عن به على الأرض ,
والتفت إليه هايس القعيط , فقال له ابن عقاب : هل تعرفني ؟ فقال : أنت ابن عقاب العواجي ,
ولا شك انك تشبهه , ولكن لم أقتله أنا , فالذي قتله غيري , فقال ولد عقاب : أنا لا أسلك عن
ذلك , ولكنني أسألك بالله أن تبلغ سلامي والدي إذا وصلته في الدار الآخرة , وتخبره بأني
أخذت بثأره , وتشرح له كل ما رأيت بعينك , ثم علا رأسه بالسيف , وفصله عن جثته , وبعد
ذلك طارت البشائر إلى الشيخ سعدون العواجي , بأن حفيده قد قتل هايس القعيط , وقد اجتمع
رجال الحي يهنئونه , وقد عقر الإبل , وعمل الأعياد عند قبائل ( ولد سليمان ) وكان يوما
مشهورا عندهم , وأخذ النساء يزغردن , بعد أن لبسن زيناتهن , وطاب نوم الشيخ سعدون ,
وبات قرير العين , وأخذ ينشد :


يا سابقي رد البرا , مات راعيه***الجيش حزّب والرّمك موفلاتـي
يا ناس زول عقاب ماني بناسيه***عقبه فلا تسوى ريال ٍ حياتـي
لو من إذا جروٍ لقا مـا إذا فيـه***كان العرب كله تسوّي سواتـي
الورع ورع عقاب لا خاب راجيه***حوّل بهايس ما تناسى وصاتـي
كزّه لبوه ويذكر انـه موصيـه***يعد ما شافـت عيونـه ثباتـي
الخيل تثقل لين تسمـع عزاويـه***ومن يوم سمعنّه وهن مقفياتـي
لعل ورع ٍ ما مشى درب أهاليه***تشلق عليه جيوبها المحصناتـي


.
الـمصدر : كتاب أبطال من الصحراء
لــ : مــحــمــد الأحــمــد الـســديـري


[/align]
__________________

التعديل الأخير تم بواسطة أبـــ بنت ـــوهـا ; 07-20-2006 الساعة 09:32 AM
أبـــ بنت ـــوهـا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس