ضحيـــــــــة الاسهم
لم اكن باحث فرص... ولم اكن مهتما الا بعملي..... فانا مؤمن بأن القناعة كنز والركون الى ما يأتيك في يومك هو افضل المرابح... العمل يأخذ مني مأخذه... والساعات الطوال التي اقضيها فيه تكفي تعبئة كل وقتي... واسرق ما تبقى من اليوم لاقدمه لجسدي النحيل استرخاءا واستمتاعا في نوم، فانا لم اتقيد بما وصفه العلماء للجسد.. من نومٍ كاف واعطاء الجسد حقه .... اثنتا عشر ساعة ملزم بقضائها من خروجي صباحا وتوديع عتبة باب منزلي الى عودتي اليها والقفز فوقها والولوج الى داخل المنزل.... فتلك الساعات الطوال تكفي لأن تهد(........... ) .. اما وكيف بذلك الجسد النحيل.... عملي لاينفع معه جلوس أو انتظار... بل هو مثل طاحونة الهواء... كلما دارت دورة كاملة تعاود وتكررها... فالعضلات مهمة.. وكذلك العقل والتفكير والتدبر .....في يومي الخميس والجمعة.... استطيع الجلوس لبرهة من الزمن... والنوم مطولا... وكذلك المسامرة مع الأصدقاء.... ولكن مسامرتي وجلوسي معهم لم تعد تقنعني .. وكذلك لم تعد تقنعهم ...فهم يتكلمون في شيئا أنا جاهل به.... ويتحادثون بعمل غير قادر على فهمه... كانوا يتكلمون عن الاسهم.... ويتحاورون عن ارتفاعات حصلت وانخفاضات قد تحصل... فأصبح جلوسي معهم مرهق لي ولهم....ولم اعد افهمهم .. وكذلك هم اصبحوا لايفهموني.... عندما اذهب الى عملي.. واسرق دقائق من وقتي لشرب كوب من الشاي...يكون حديث الجميع عن الاسهم... عندما افتح التلفاز يتكلم من يتكلم عن الاسهم... لقد ضاقت تلكم الاسهم بي ذرعا... فاصبحت مثل جبل فوقه نار وأنا في صحراء قاحله وابحث عن منقذ.... فقررت صعوده رغم الاعياء...واخذت اسئل نفسي.. اسئلة غريبة وغير مستعجله... كنت اسمعها من الجميع.... ويتداولها الجميع ....ماذا يعني المؤشر... وماهي تلكم النقطة العجيبة التي تسمى نقطة الدعم.... وماذا يقصدون بالارتداد... وما المقصود بنسبة التذبذب... ولماذا هنالك نسبة ادنى واعلى وماذا يقصد بالعرض والطلب ....و ..و..و.. فقررت التعلم والسؤال... اشغلت هاتفي الجوال... واشغلت نفسي... فلم افهم ما يقصد... الى أن جائني صديق... وقال:.... لن تتعلم شيئا اذا لم تدخل السوق وتجربه.... (فلن تتعلم الا من كيسك) حزمت محفظتي ومافيها وذهبت الى(بنكي) الذي لم ازره منذ زمن.... سئلت عن صالة الاسهم... جلست في اخرها... وانا غريب يحسب أن كل الضيوف غرباء ... واخذت استرق السمع ثم نفذت اول توصية سمعتها في الصالة من شخص بجانبي على عجل ..... واصبحت من المساهمين.......وكانت البداية................ في اليوم التالي.. اخذت اراقب المؤشر... واركز على سعر شركتي التي املك جزءا منها.... فرغم كمية الاسهم القليلة التي معي... كان إحساسي أنني مالك بها.. ولي مثل ما لأصحابها فيها .... فيوم ترتفع... ويوم تنخفض.. فاشغلتني.. واشغلت من حولي... وكذلك اشغلت الحاسبة معي ... فكانت ملكيتي التي امدت لمدة اسبوعين... اطول من عام كامل... ولكنني عرفت فيها كل مصطلحات الاسهم ومايدورحولها... وكان تلكم الاسبوعان... من اكثر اسابيع حياتي تأثرا واحساسا......فاموالي التي حررتها من عرق جبيني.... اراها ترتفع ثم تنخفض.وكان نبض قلبي يرتفع معها ثم ينخفض.... الى أن قررت البيع والابتعاد.........فعدت بعدها الى عملي... مرتاح البال.. اردد مثلي الذي تعلمته دائما..... القناعة كنز قد لايفنى...
|