عرض مشاركة واحدة
قديم 05-28-2009, 02:28 PM   #1


 
تاريخ التسجيل: May 2009
المشاركات: 119
معدل تقييم المستوى: 185
الفارسي is on a distinguished road
افتراضي (طز) في كل ما يجلب الهم والغم

[gdwl]هناك رجل مرح وناجح ورياضي واجتماعي إلى أبعد الحدود، يهتم بصحته مثلما يهتم بهندامه، ذهب لعمل (تشييك) على صحته كما جرت عادته في كل سنة، وبعد الكشوفات والتحاليل وخروج النتيجة انتحى به طبيبه على جنب وصارحه أنه مصاب (باللوكيميا) في دمه.

وكان ذلك الخبر هو صدمة العمر بالنسبة له، وانقلبت حياته رأساً على عقب، ذهب المرح أدراج الرياح، وترك الرياضة، واعتزل المجتمع، وتدهور عمله، بل أنه كان على وشك أن يتزوج (فكنسل) وألغى ذلك المشروع نهائيا، وأصبح انطوائيا هزيلا ترثي لحاله حتى الحمير الجربانة.

وصرف كل مدخراته تقريباً على العلاجات.

وشاءت الصدف أنه بعد أكثر من خمسة أعوام، أن يجري فحصاً في مكان آخر أثبت التشخيص أنه ليس مصاباً نهائياً بذلك المرض، بل أن تلك العلاجات التي كان يأخذها طوال تلك الأعوام قد أضرته ولم تنفعه بشيء.

وعادت له الحياة مثلما كان سابقاً بل وأكثر، وأول ما فعله أنه تزوج، ولم يمض على زواجه أقل من سنة واحدة حتى توفي بنوبة قلبية، وزوجته حامل في شهرها الرابع.

وهكذا أضاع من حياته خمسة أعوام سدى ودون جدوى.

ومن وجهة نظري الشخصية أن على الإنسان أن يعيش حياته بالطول والعرض حتى لو كان قاب قوسين أو أدنى من الموت، وحتى لو تكالبت عليه أمراض الإنس والعفاريت، والأعمار بيد الله (واللي ينزل من السما تستلقاه الأرض)، و(طز) في كل ما يجلب الهم والغم.

وهناك نموذج آخر، فأحد رجال البادية كان مرافقاً لحاكم خليجي، وأصيب بداء (السرطان) ـ حفظ الله (تحديداً) القارئات العزيزات من هذا المرض ـ أقول إن ذلك الحاكم من خوفه ومحبته للرجل أرسله إلى لندن على نفقته للعلاج، وعندما كشف عليه الدكتور المختص هناك، قال: إن المرض مستفحل به ولا أمل في علاجه أو شفائه وحدد له ستة أشهر وبعدها سوف (يفطس) لا محالة.

وعاد المسكين إلى بلاده، وأستأذن من الحاكم أن يقضي بقية أشهر حياته القليلة مع عائلته في الصحراء، وأذن له، وأتى له رجل يتطبب بالكي بالنار، واقترح عليه أن يكويه، وحيث إن البائس الغريق يتشبث حتى (بقشه) مثلما يقولون، وافق على ذلك، وكواه على موضع الداء، وتدهورت صحته وشارف على الهلاك، ولكنه بعد مدة أخذ يتعافى رويداً رويداً، ولم تمض عليه سنة كاملة حتى عادت له صحته وعافيته.

وذهب إلى الحاكم وعندما شاهده لم يصدق من هول المفاجأة، وقال له: إنني في كل يوم أنتظر أن يصلني خبر وفاتك، فماذا حصل ؟! فقص عليه ما حصل.

لا أريد أن أطيل عليكم، فبعد ثلاثة أعوام توفي الدكتور في لندن، وبعده بعدة سنوات توفي الحاكم، وظل الرجل البدوي (يسرح ويمرح) في هذه الحياة طوال سبعة عشر عاماً، توفي بعدها في حادث تصادم سيارة.

إذن من الممكن أن نقول عن بعض الناس الجبناء (مثلا) ـ أكرر (مثلا) ـ: إن فلانا ولد عام 1960، وتوفي عام 1990، ودفن عام 1995.
[/gdwl]
الفارسي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس