الاخبار الاقتصادية ليوم الثلاثاء 21 مارس 2006

محللون: بدء العمل بالإجراء يعمق مبدأ الاستثمار الأجنبي ويساهم في تنشيط الاقتصاد الوطني
المقيمون يبدؤون الاستثمار المباشر بالأسهم السبت المقبل وسط ترقب لتشريعات تستثني تملك الشركات الحيوية




متابعة - بادي البدراني، وعبدالعزيز الربعي، وصنيتان المريخي
اعتبر محللون وخبراء اقتصاديون،أن قرار السماح لحوالي ستة ملايين أجنبي مقيمين في المملكة بالاستثمار في الأسهم مباشرة بداية من يوم السبت المقبل،يعتبر خطوة جيدة تجاه تشجيع المستثمر الأجنبي للاستثمار في السعودية وخطوة فعالة لصالح تنشيط الاقتصاد الوطني.
إلا أن هؤلاء شددوا على ان زيادة استثمارات الاجانب في سوق الأسهم دون ضوابط تمنع القدرة على الهرب بعد الاستفادة من عمليات المضاربة على الاسعار قد يؤدي الى حدوث انهيارات مالية شديدة،لافتين إلى ان معظم المستثمرين الاجانب هم مستثمرون على الأجل القصير او مضاربون يسعون الى دخول الأسواق التي يسهل الخروج منها.

وأشار المحللون إلى أن قرار السماح لغير السعوديين بتملك الاسهم في الشركات المساهمة السعودية يعمق مبدأ الاستثمار الاجنبي داخل السعودية ويعطي بعدا دوليا لسوق الأسهم المحلية.

وكانت هيئة السوق المالية قد أعلنت أمس ، انها ستسمح للمقيمين الاجانب في المملكة بالاستثمار بشكل مباشر في سوق الاسهم وذلك اعتبارا من السبت المقبل .

وقال البيان ان هذا القرار اتخذ بناء على توجيهات الملك عبدالله بن عبد العزيز القاضي ب «السماح للمقيمين من غير السعوديين بالاستثمار بشكل مباشر في سوق الاسهم وعدم قصره على صناديق الاستثمار».

وأكدت هيئة السوق المالية انه «سيتم تنفيذ هذا التوجيه الكريم اعتبارا من السبت» المقبل، موضحةً انه «يجري حاليا التنسيق مع البنوك وغيرها من الجهات ذات العلاقة لاستكمال الترتيبات الفنية اللازمة لذلك قبل هذا الموعد». وهي المرة الاولى التي يسمح فيها لأجانب بالتعامل مباشرة في سوق الاسهم السعودية ولم يكن يسمح للمقيمين الاجانب في السعودية بالتعامل في سوق الاسهم إلا عن طريق صناديق استثمار.

وتسمح اسواق المال الخليجية الأخرى للأجانب المقيمين فيها وغير المقيمين بالتعامل في اسواق المال فيها. ويهدف هذا القرار الى توفير سيولة في سوق الاسهم بعد شح السيولة فيه الناجم عن توجه قوي للبيع بسبب تراجع اسعار الاسهم. ودفع اجراء مماثل في قطر المواطنين للشراء مما زاد من أسعار الاسهم المرتفعة بالفعل.

ويأتي القرار ضمن سلسلة قرارات اتخذتها جهات الاختصاص لتلافي التراجع في اسواق المال تشمل بالخصوص إضافة الى الترخيص للمقيمين الاجانب بالتداول في سوق الاسهم السعودي تخفيض القيمة الأسمية للسهم مما يسمح بتجزئة الاسهم.

ويقدر اقتصاديون دخل العاملين الاجانب في السعودية عند 35 مليار دولار سنويا وانه يجري تحويل نحو 15 مليار دولار منها لخارج البلاد.

وقال الدكتور عبد الوهاب أبو داهش «ستضخ هذه الخطوة سيولة في سوق الأسهم... ولكن ينبغي ان يصاحبها تعجيل بخطا تسجيل الاسهم.»

ويشكك الدكتور فهد الحويماني المحلل المالي والخبير في مجال الاستثمار، في ان يتهافت الاجانب على السوق على الفور نظرا للحاجة إلى عدة إجراءات تشمل فتح الحسابات البنكية ومعرفة هوية المتقدم ومصدر المال المراد استثماره في شراء الأسهم .

وقال الحويماني: الإجراء من شأنه أن يدفع بالفعل الاسعار للارتفاع نتيجة الزيادة المتوقعة في المتعاملين داخل السوق،إلا أنه أكد على ضرورة اتخاذ مجموعة من الضوابط التي تمنع حدوث أي سلبيات على السوق المالية،مبيناً أن بعض الدول التي قررت السماح للاجانب بالاستثمار في بورصاتها طبقت عدة إجراءات مثل عدم السماح بسحب الأموال قبل مضي فترة محددة وتحفيز المستثمر الأجنبي من تخفيض الضرائب المفروضة عليه عند تركه للاسهم التي يمتلكها لفترة معينة.

وذكر الحويماني أن هناك أهمية للتحوط من الأموال السريعة التي قد تضر بالسوق،موضحاً أن بدء إجراء تدوال الأجانب في سوق الأسهم له إيجابيات كثيرة مقارنة بالسليبات التي قد تحدث جراء تنفيذه .

وبينّ الدكتور الحويماني أن القرار يتماشى مع متطلبات الانضمام لمنظمة التجارة العالمية،مضيفاً: المفترض أن تكون هناك فترة للتجربة يستفاد فيها من تجارب الدول الأخرى التي سبقت السعودية في تطبيق القرار» .

ولم يخف الحويماني قلقله من سرعة تنفيذ الإجراء الذي يتطلب أساساً التأكد من الجاهزية لهذا الأمر في كافة الجوانب ،غير أنه قال ان نظام تداول من الناحية الفنية قادر نوعا ما في وضعه الحالي على دخول المقيمين لسوق الأسهم السعودي ، لافتاً إلى أن هناك حاجة لاتخاذ إجراءات تنظيمية سواء على الجوانب الفنية او على الجوانب الإدارية والقانونية.

إلى ذلك،قال الدكتور عبدالله المغلوث أن ضخ اموال من قبل المقيمين في سوق الأسهم هو عامل ايجابي يخدم واقع الاقتصاد السعودي بدلا من تحويلها للخارج ،متوقعاً أن تكون نسبة الأموال الأجنبية التي ستدخل السوق السعودي ما بين 40 إلى 50 في المائة من إجمالي دخولات المقيمين الشهرية أو السنوية .

وطالب المغلوث بضرورة الانتباه لمسألة الأموال السريعة التي قد تسبب أزمة مالية وانهيارا كبيرا في سوق الأسهم ،الأمر الذي يستلزم أن تكون هناك فترة للتجربة لحين استصدار قوانين وضوابط تحافظ على السوق وقوته الماليةموضحاً انه ليس من السهولة تدفق الاستثمارات الاجنبية على سوق الاسهم المحلية او اي سوق مالي اذا لم تتوفر البيئة القانونية والاستثمارية المناسبة,حيث ان معظم الدول النامية ومنها الدول العربية أدخلت العديد من التعديلات على قوانينها المتعلقة بالاستثمار بهدف تشجيع وجذب الاستثمارات الاجنبية كما ان معظم الدول الخليجية فتحت الباب امام الاستثمار الاجنبي وفق اسس وضوابط محددة .

وقال: السماح للاجانب بتملك اسهم الشركات المدرجة عادة ما يساهم في رفع كفاءة الأسواق إضافة إلى تدفق المعرفة والخبرة المتقدمة ووسائل التكنولوجيا الحديثة والمساهمة في ترشيد القرارات الاستثمارية في الوقت الذي تخشى فيه بعض الدول النامية من سلبيات التدفق الاستثماري الاجنبي والتي تتركز بشكل أساسي على عدم استقرار الأسواق وخاصة الأسواق صغيرة الحجم باعتبار ان معظم المستثمرين الاجانب هم مستثمرون على الأجل القصير او مضاربون.

وقال: الملاحظ ان الدول الخليجية المجاورة قد فتحت باب الاستثمار الاجنبي بشكل متدرج بحيث أعطت النسبة الكبرى من التملك للخليجيين ثم العرب ثم الاجانب ووضعت الضوابط واللوائح والتعليمات لتحقيق الإيجابيات وتفادي سلبيات الانفتاح نحو الاستثمار الاجنبي واستثنت بعض الشركات الحيوية والاستراتيجية من تملك الاجانب وفق دراسة ومعايير وضعتها السلطات المشرفة وبما يتناسب مع مصلحة البلاد وادخلت تعديلات تشريعية وقانونية للحد من المضاربات واهتزاز السوق.

في غضون ذلك، أكد محمد الضحيان رئيس مكتب الضحيان للاستشارات المالية أن قرار السماح بدخول المقيمين للاستثمار في سوق الأسهم السعودية سيكون له تأثير إيجابي جدا، حيث سيتجه كثير من المستثمرين الأجانب للسوق عوضا عن الدخول في الصناديق وهذا سوف يؤثر ويرفع من قيمة التداول في السوق وسرعته خاصة وأن كثيرا من الأجانب لديهم علاقات بالمتمرسين الأجانب في القطاعات البنكية والمالية.

وبين الضحيان إن حجم الأموال التي ستضخ في السوق بعد هذا القرار لن تكون كبيرة، ولكن سيكون هناك توجيه للأموال من أسماء إلى أسماء أخرى للأجانب ومن محافظ إلى استثمار مباشر في السوق، فضلا عن رفع حجم التداول، حيث أن حجم مدخرات الأجانب كبير، مبينا أن آخر الإحصائيات حول تحويلات الأجانب للخارج تقدر حجمها بحوالي 58 مليار ريال سنويا، وأنه في حال استثمار 20 في المائة منها فإن حجم الاستثمار السنوي للأجانب سيزداد بحدود 10 إلى 20 مليار ريال سنويا.

وحول الضوابط التي ستضعها الجهات المختصة لدخول الأجانب للسوق بشكل مباشر قال الضحيان إنه ينطبق على الأجانب ما ينطبق على المستثمرين السعوديين، مبينا أنه لا بد أن يكون الحساب للمستثمر نفسه، وأن تكون الأموال التي لديه نظيفة، ولا بد من التأكد من عدم وجود عمليات تحايل أو نصب أو أموال مغسولة.

وأوضح الضحيان أنه لا بد من الإيمان بأن دخول خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز بهذه السرعة له دور مؤثر جدا، متمنيا أن يتم النظر في عملية زيادة المعروض من الأسهم التي تهم السوق، مبينا أن بيت الداء والدواء يكمن في المعروض من الأسهم، حيث ان المعروض من الأسهم يمثل 38 في المائة فقط من حجم السوق، مع زيادة المعروض من النقود شهريا، مطالبا بالعمل على زيادة المعروض من الأسهم.

وتوقع رجل الأعمال خالد الشثري أن يساهم تطبيق القرار فعليا من يوم السبت المقبل إلى احتواء التحويلات المالية الكبيرة التي ينفذها الأجانب سنويا في المملكة ،حيث ستكون الفرصة مواتية لهم لاستثمار أموالهم بالداخل بدلا من ترحيلها للخارج.

وقال الشثري: إذا استطعنا ان نحافظ على 50 في المائة من قيمة تحويلات الأجانب السنوية فإن المردود سيكون مفيدا جدا للاقتصاد المحلي وسينعكس على توظيف السيولة داخل الاقتصاد السعودي ويساهم بشكل كبير في توسيع رقعة السوق المحلي .

في المقابل،توقع متعاملون زيادة في أعداد طلبات الشراء اكثر من عروض البيع خاصة باليوم الأول لدخول الأجانب ،مشيرين إلى أن المقيم يرغب باستثمارات سوق الأسهم السعودية والدخول فيها نظرا لقوه الاقتصاد السعودي .

وأضافوا ان المناخ الاستثماري مناسب لجميع المستثمرين على حد السواء، وأن دخول المقيمين في السوق سيحدث نقلة نوعية في حال سوق الأسهم المحلية ،مشيرين إلى أهمية استثمار اموال المقيمين المصدرة الى الخارج بإبقائها داخل البلاد