العودة   منتديات الويلان > ۝۩۩۝ مجالس القبيلة ۝۩۩۝ > منتدى تاريخ وامجاد القبيلة

     
     
    أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
    Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
    قديم 06-12-2008, 03:15 PM   #1
    المشرف العام
     
    تاريخ التسجيل: Nov 2005
    الدولة: Mercury
    العمر: 50
    المشاركات: 23,759
    معدل تقييم المستوى: 30
    فارس عنزة is on a distinguished road
    افتراضي كيف مالت عشيرة شمّر إلى التوطين وتأخرت عنزة عن ذلك

    إذا كانت عشائر شمّر قد مالت إلى التوطن وسعت إليه منذ أكثر من عشرين عاماً وصرفت جهوداً كبيرة ومراجعات كثيرة في حياة زعيمها الشيخ عجيل الياور فإن هذا الشيخ المفكر قد أدرك تطور الزمن وعدم إمكان بقاء عشيرته على حالتها في التنقل وطلب ((الخاوة)) بعد أن منع الغزو ومنعت الخوة فكان دائب السعي لتوطين عشيرته في مناطق تجوالها وفي تيسير الأراضي في تلك الأماكن وقد تم فعلاً إسكان كثير من أفخاذ عشيرته في بادية الجزيرة حيث مناطق سكناها جهد المستطاع فواتت الظروف هذا الشيخ العبقري حيث عمل المستحيل في هذا السبيل.

    كما أن الشيخ عجيل الياور قد إستفاد من الخط الحديدي الذي مد من سامراء إلى الموصل حيث كان يراجع متصرفية الموصل والسلطات الأخرى في بغداد وبحث في المطالبة بإعطاء قسم من العمل بين سامراء والموصل إلى عشيرته شمّر الأمر الذي سبب أن تتخذ الحكومة يومئذ – وإدارة السكك الحديدية العامة على وجه التخصيص خطة بأن تشتغل كل عشيرة يمر منها الطريق وفي أعمال السكك من تجهيز عمال وحراسة وغير ذلك.

    ثم أعقب ذلك الحرب العالمية الثانية فبذل جهوداً مضنية للإستفادة من ظروف تلك الحرب في مساعدة عشيرته وكان الجو مساعداً لذلك فإشتغلت عشيرة شمّر في شتى الأعمال ونالت أكثر الفوائد من الجيوش الإنكليزية والسلطات الأخرى. ولم تنته الحرب إلا ووجدت هذه العشيرة أنها لا تتمكن من العودة إلى سيرتها الأولى فوقفت في منتصف الطريق ثم جدت السير نحو الحياة الناعمة والسكن الجيد واللباس الحسن.

    ثم إن بيئة شمّر ووقوع منطقتهم بجوار مدن وقصبات متحضرة في لواء الموصل وإختلاطهم بأهالي ذلك اللواء وعلاقة سكان الموصل التجارية معهم وملاحظتهم التطورات التي أعقبت الحرب العالمية الأولى وإنتشار السيارات في محيطهم وإنشاء السكك وإختراقها مناطق سكناهم كل ذلك – بالإضافة إلى عقلية رئيسهم الشيخ عجيل الياور المتحررة – ساعدت على تقبلهم لعملية التوطين بل حماسهم في قبولها.

    أما بالنسبة إلى عشيرة عنزة فيمكننا تلخيص الأسباب التي أخرت توطينهم وبقاءهم على حالتهم الأولى ويرد في مقدمة الأسباب : نزعة المحافظة التي سار ولا يزال يسير عليها الشيخ محروت الهذال الرئيس العمومي لهذه العشائر الكبيرة فهو محافظ في طبيعته متمسك في بدويته ولم يغير من حالة البداوة التي عاش عليها آباؤه وأجداده إلا إقتنائه السيارة وإني لأعتقد بأنه لولا طول المسافة التي يقطعها هذا الشيخ للإتصال بعشيرته على طول البادية الشمالية والجنوبية وتردده على لواء الدليم وكربلاء لملاحظة أعماله في هذين اللواءين وكثرة تردده إلى العاصمة لما وجدنا الشيخ محروت يركب السيارة ولوجدناه متنقلاً على ظهر جمل لأنه محافظ في نزعته ومؤمن على نظرية (( إبقاء ما كان على ما كان )).

    ثم إن طريق تجوال عشيرة عنزة الصحراوي لا يمكنهم من المرور في مدن وقرى ذات بال وإذا مروا على إحدى القرى العراقية فهي من حيث وضعها الإجتماعي لا تخرج في مستواها عن مستوى عشيرة عنزة من حيث عقلية السكان وحظ البلدة من الثقافة والعمران فهم لا يمرون إلا بالقرى التي تقع على حافة الصحراء مثل تدمر والرطبة وكبيسة والرحالية وشثاثة والنخيب وربما السماوة فيما ندر من المناسبات.

    أما إذا توجهوا إلى بعض المدن السورية في بعض المواسم فإننا نجدهم ينصبون خيامهم في مداخل المدن ويذهب بعضهم إلى المدينة لغرض الإكتيال وشراء ما يحتاجه هو وجماعته من مأكل وملبس.

    وبينما نجد الشيخ عجيل الياور يرسل أحد أولاده إلى الجامعة الأمريكية في بيروت قبل ثلاثين عاماً ويرسل أولاده الآخرين إلى المدارس العراقية نجد أن محروت الهذال يكتفي بتعليم أولاده القرآن ومبادىء القراءة والكتابة على أيدي معلمين خصوصيين وربما تساهل فأرسل بعض أولاده إلى المدرسة الإبتدائية في بلد مجاور لسكناه.

    وبينما نجد الشيخ عجيل الياور يستصحب بعض أولاده فيجوب أغلب الأقطار الأوربية دارساً، باحثاً، مستطلعاً نجد أن الشيخ محروت الهذال لا يؤمن بمثل هذه السفرات فيقتصر في سفره خارج العراق على تأدية فريضة الحج لمرة واحدة بدافع من شعوره الديني.

    إن هذه الفروق بين تصرفات الرجلين تعطينا فكرة واضحة عن أن الشيخ عجيل الياور متجدد ولا يمانع في إقتباس كل ما لا يتنافى مع الدين والأخلاق من سجايا أهل المدن وأهل الغرب معاً بينما نجد الشيخ محروت الهذال متحفظاً في كل تصرفاته غاية التحفظ ومتزمتاً غاية التزمت في كل عمل يقوم به أو خطوة يخطوها فهو مثال البدوي الحذر اليقظ الذي لا يؤمن بأخلاق أهل المدن ولا في أخلاق الغرب.

    إن لكلا الرجلين حرمة ومكانة عندي فكل منهما مثال الشيخ العربي الحريص على دينه وتقاليد عشيرته للإبقاء على ما لهما من سجايا وخصال يضرب فيها المثل ولكل من الرجلين رأيه وإجتهاده.



    من كتاب ((البدو والقبائل الرحالة في العراق)) مكي الجميل
    __________________

    التعديل الأخير تم بواسطة فارس عنزة ; 06-12-2008 الساعة 03:25 PM
    فارس عنزة غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
     


    الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
     

    تعليمات المشاركة
    لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
    لا تستطيع الرد على المواضيع
    لا تستطيع إرفاق ملفات
    لا تستطيع تعديل مشاركاتك

    BB code is متاحة
    كود [IMG] متاحة
    كود HTML معطلة

    الانتقال السريع


    الساعة الآن 07:51 AM.


    Powered by vBulletin® Version 3.8.8
    Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.