قصة كرم للشيخ بليخ

قصة وقصيدة للشيخ بليخ

الشيخ : بليخ لقبه ( أخو مريم ) من مشايخ عشيرة الْبَرْيَكْ من العفادلة ، وعشيرة العفادلة من العشائر السورية المعروفة التي يقطن أغلبها في الشمال الشرقي من سوريا .
نعود إلى الشيخ بليخ الذي أشتهر بكرمه وشهامته وحسن استقباله لضيوفه وجيرانه ، وأقرب مايكون كرمه في عصره بالكرم الحاتمي.
يروي لنا أخونا الأخ ( أبو أنور حمدي العرجان ) أنّ قرية الشيخ بليخ هي قرية ( المعزيلة ) التي تقع بين الحماد ( الشامية ) وبين مساكن بدو الجزيرة في شمال سوريا ،
إذا أنتقل بدو الجزيرة إلى الحماد ( الشامية ) بمواشيهم طلباً لمرعي مواشيهم في فصل ( الربيع ) مروا على الشيخ بليخ ويستقبلهم مرحباً بهم ويقوم بواجب الضيافة من ترحيب وتقديم الطعام لهم ولمواشيهم ، وإذا عادوا من الحماد ( الشامية ) إلى الجزيرة كذلك يمرون عليه ، وأصبح يعرفه الكبير والصغير .
ويروى عنه إنه يرسل إلى رعاة الأبل والغنم والطرقية الذين لا يرغبون المرور عليه أن يأتوا لمنزله ليكرمهم ، وإذا رفضوا الحضور أرسل لهم طعامهم وشرابهم إلى مكانهم .
وفي الحقيقة ضرب أروع الأمثلة في الكرم والشهامة، ( من يفعل هذا الفعل ) إلاّ رجل كان الكرم سجيته رحمك الله أيها الشيخ الكريم .
ويروى عنه إنه دائماً يراغب الطعام والخبز الذي يقدمه لضيوفه فإذا أوشك الخبز على النهاية صاح بأعلى صوته ( هاتوا خبز ) فأصبحت هذه العادة شعاراً له يُعرف بها حتى عند الأجانب من القبائل الأخرى ، يقال إنه ذات يوماً ذهب هو وجماعة من ربعه لأحد القبائل ، وقال لربعه لا تعرفون بي عندهم حتى لا نكلفهم ونشق عليهم ،
( شوفوا يأخوان : الكريم الذي طبعه الكرم لايريد المفاخرة ورد جميل كرمه بل يُكرم الناس ولا يبحث عن إكرام الناس له ) وضافوا عند أحد البيوت ، وقام صاحب البيت بعمل عشاء عادي لأنه لايعرف أحد منهم وقلط العشاء وقام الضيوف على العشاء وعندما أوشك الخبز على النهاية صاح الشيخ بليخ بأعلى صوته ( هاتوا خبز ) نسى نفسه إنه ضيف حسب نفسه إنه في بيته ، فرد عليه صاحب البيت ( كفو ياخو مريم ) عرفه صاحب البيت بهذه العبارة وقال له والله إنك غشيتنا ياأخو مريم لأنك لم تخبرنا إنك بليخ حتى نقوم بواجب الضيافة التي تليق بك .
وهو الذي تم إختياره من قبيلة الفدعان وعشيرة العفادلة لعقد الصلح في بيته بين قبيلة الفدعان وعشيرة العفادلة على أثر الحرب التي دارت بينهم أنذاك، علماً أن المذكور طرف في الحرب لكن لكثرة الثقه به وشهامته طلب منه أن يكون الصلح على يده وفي بيته ، وهذه علامة الكرماء .
ويروى عن الشاعر : مطرود الدنحي الخريصي إنه ذهب يوماً إلى المدينة المجاورة لقرية الشيخ بليخ ، وكان له صديق فيها فلماّ وصل دار صديقه دق الباب عليه ، فردت عليه زوجة صديقه وقالت إن فلان ( تعني زوجها ) غير موجود وباب المنزل مصكوك ، ففكر أين يذهب وهو جيعان وتعبان وعطشان لايعرف أحد في هذه المدينة إلاّ هذا الصديق الذي لم يستقبله ، فكان يسمع عن الشيخ بليخ ولايعرفه ففكر أن يذهب له في بيته وفعلاً ذهب شاعرنا إلى منزل الشيخ بليخ في قرية المعيزيله ولماّ وصل القرية قابله الشيخ بليخ بالترحيب وأكرمه فجاشت قريحة شاعرنا بهذه الأبيات مادحاً الشيخ بليخ على كرمه وحسن ضيافته ، يقول الشاعر :

[poem=font="simplified arabic,5,blue,normal,normal" bkcolor="transparent" bkimage="backgrounds/19.gif" border="none,4,gray" type=0 line=0 align=center use=ex num="0,black"]
ياراكــب اللي ماتنشت حـواره = داروا عليها بالعصا لا تطيحـــون
حمـرا مـادانـي زولها والسماره = وليا مشت مع درب الخلا تقل مجنون
جنب عن اللي مسكرن باب داره = يا قـيـل ويـن فـلان قـالـوا مهـوهون
ريـف الضيوف معمرٍ بالفـقـارة = أذكــر لـكـم بلـيـــخ ياللـي تـغــدون
أول قِـراه مخـدرن بـه بـــهـــاره = وثـانـي قـِراه مـن الـمحـلا يـحطـون
يا شــوق من تزها جديد القيارة = بنت الشـيـوخ اللي عليها يـقـولـون
ونعمن باأخو مريم ماهي قـمـارة = دب اللـيـالـي واقـفـيـنن يــهـــلــون[/poem] فهذه الأبيات الجملية تعبر بكل صدق عن كرم هذا الشيخ ، فكما يقال صدق القصة أو كذبها يعتمد على وجود أدلة وأدلة القصص أبيات الشعر المقترنة بها التي تثبت أو تنفي القصة ، وأدلة هذه القصة هذه الأبيات الواضحة المعاني والتي لاتحتاج إلى توضيح أو شرح .
وأقول ويقول الجميع هذا الكرم الذي أشتهر به هذا الشيخ لم يكن تصنعاً أو نفاقاً بل جبلة جبله الله عليها ، وهذا الكرم المحمود شرعاً الذي يكون نابعاً من القلب ليس فيه رياءاً ولا سمعة ولا تصنع .
ونقول لهذا الشيخ الكريم رحمك الله رحمة واسعة وأسكنك فسيح جناته ، لقد كسبت علماً غانماً أيها الشيخ الكريم ، ونقول لك لقد ضربت أروع الأمثلة في الكرم والشهامة ،
ومن أراد أن يسلك طريق هذا الشيخ الكريم أن يعلم بأنّ ( العلم الغانم من طيب وشجاعة ) لا يأتي إلاّ بالتضحية بأحد ثلاث تضحية بالنفس أو تضحية بالمال أو بالجاه .


والسلام عليكم