كذب على لسان حجرف الذويبي

احذروا الشعر المصنوع

من صنع الأبيات الإضافية إلى قصيدة حجرف الذويبـي ؟

في زمن جهل المتلقي وسذاجته وسلطة الراوي وانعدام أمانته بات الباب مفتوحاً لحشد من الروايات المغلوطة والمكذوبة التي لن يقف تأثيرها عند حد تغيير كثير من المفاهيم التاريخية والقصصية فحسب، بل يتعدى ذلك إلى إحداث البلبلة والشك حول صحة قصص أجدادنا.
إن هذا الوضع إن لم يتم التنبه له والوقوف له بحزم من قبل المهتمين بأدبنا وتراثنا المحلي سيؤدي في النهاية إلى انعدام الثقة في هذا الموروث الذي يعتز به الأحفاد.
ولذا فإن أصحاب الأقلام الواعية الذين تتوفر لديهم الثقة في أنفسهم وتاريخهم يتوجب عليهم كشف مثل هذه الممارسات الجاهلة.
أقول هذا بعد أن اتضح لي من خلال تجربتي البحثية أن ممارسة تزوير القصائد الشعبية لاثبات أمجاد ذاتية وبطولات أسطورية وهمية أمر سهل عند ذلك الراوي الذي وجد أن الطريق إلى قلب المتلقي الجاهل هو الشعر الشعبي.
وسأكشف في هذا المجال عدداً من الأمثلة التي تأكد لي أنها من ألاعيب الرواة المعاصرين، ومن ذلك على سبيل المثال لا الحصر: قصة وقصيدة الشيخ حجرف بن عياد الذويبي من شيوخ بني عمرو من حرب الذي اشتهر بالكرم والذي قال قصيدة يحفظ الرواة منها أبياتاً معدودة ومشهورة، منها قوله:







يقول ابن عياد وإن بات ساهـر
ماني ولد خبلٍ همومـه تشايلـه

أنا ليا ضاقـت عليَّـه توسعـت
يرزقني اللي مـا تعـدّد فضأيلـه

ماني ولد خبلٍ ليـا قـل مرزقـه
ضيَّق بربعه يوم قلـت محايلـه

يرزقني رزاق الهوايش بجحرهـا
لا خايلت برقٍ ولا هـي بحايلـه

ولا حدّرت زملٍ نصى صوب قريه
ولا وَرَّدَت عـدٍ قـراحٍ ثمايلـه

ورزق غيري يا ملا ما ينولنـي
ورزقي يجي لو كل حي يحايلـه




هذه هي الأبيات الأصلية لقصيدة الشيخ حجرف الذويبي الذي لم يشتهر كشاعر ولم يُعرف له إلاّ قصيدة أو قصيدتان، مع اختلاف في بعض الكلمات أو زيادة أو نقص أو تقديم أو تأخير في أبياتها. ويعتبر الراوي منديل الفهيد أول من أذاع هذه القصيدة في برنامج البادية، ودَوّنها في كتابه قبل أكثر من عشرين عاماً، ونقلها عنه من جاء بعده.
إلاَّ أنه منذ ثلاث أو أربع سنوات فقط ظهرت نسخ للقصيدة مطبوعة على كمبيوتر تزيد أبياتها عن عشرين بيتاً منها بالإضافة إلى الأبيات السابقة ما يلي:





ولاني على رزقي بخيلٍ لغيـري
لْيَا جَوْ هَجَافا معتليـنٍ رحايلـه

نشب نار يجذب الضيف ضوهـا
وان خبَّتت زِدْنا حَطَبْها وُشعَايله

والله ما نَكْرَه ضيوفٍ لْيَـا لفـوا
صعلوك والاّ من معالي حمايلـه

وُخِلِّيت فـي دارٍ وحيـد لْحَالـي
وُتَرى الفرَج مضمون والله قايله

وذبحت أنا سَبْع الركايب لاهلهـا
في حَزَّةٍ عَيَّا على الـزاد كايلـه

وُرَبْعِي قبأيل حرب لْيَا قَل مالـي
لْيَا رَكَّبَت غِبْر السنين وُسَحَايلـه

اللي وُفَد بمْرَاح تسعيـن عاقـر
وُشكَرْت أنا منها جزايل فضايله

وُرَبْعِي قبأيل حرب حَرَّابة الدوَل
كم دولةٍ راحت فَخَرْهـا فشايلـه

طهمان باشه يوم شاف الحرايب
ارماح واسيوفٍ تلظَّى وُ فتايلـه

وباشاه طَيْره قام تسعيـن ليلـه
ثم انهزم للترك يشكـي ملايلـه

وُهَذي فعأيل حرب يا جاهلٍ بهـا
كم دولةٍ راحـت توقَّـد غلايلـه

وُفِضْنا على نجدٍ وناسٍ مْنِيْسَـة
واللي انتحَى جنوب واللي شمايله

يشهد لنا وادي الرمة مع جوانبه
هذي عـدوده باقيـات مثايلـه

يومٍ نحد الضـد و يـوم يحدّنـا
واللي خذوا مِنَّا خذينـا بدايلـه

تسعين قرية ما خذينـاه بالثمـن
كَسْبٍ بالايدي يوم الايدين طايله

لي لابةٍ فرسان ندّب بهـا العِـدَا
ندّب بها قومٍ عن الدرب عايلـه

ويومٍ بواد الدوم لا عاد ما جَرَى
الدم يجري من معالـي مسايلـه

لعينيك يا واد الرَّمَة عَلَّك الحيـا
خورٍ ترزَّم شربها مـن ثمايلـه





وفي الحقيقة فإن الأبيات المدوّنة أعلاه ليست إلاّ من صنع ذلك الراوي العامي الذي روج لهذه القصيدة ولا زال ثم تلقفها منه رواة أجهل منه وشباب مندفعون لقبيلتهم، أعجبوا بهذه القصيدة التي تثبت لقبيلتهم من البطولات والأمجاد الشيء الكثير في نظرهم، فتحمسوا للقصيدة وانخدعوا بتلك الرواية لعدم إلمامهم بالتاريخ المحلي، فروجوا لتلك القصيدة ونشروها في البحر والبحر في زمن سهولة النسخ والتصوير ..
ولأنني قد راودني الشك في مضمون القصيدة عندما سمعتها للمرة الأولى لكونها تتضمن معلومات تاريخية خاطئة فقد بحثت عن مصدرها الأساسي فإذا هو رجل كبير السن يستطيع نظم الشعر، وعندما واجهته بما لدي من حقائق تثبت عدم صحة القصيدة منها على سبيل المثال ما يلي:
1- أن طمهان باشا لا وجود له في الواقع ضمن عساكر الدولة التركية الذين مروا على منطقة الحجاز ونجد في القرن الثالث عشر وهو زمن الشيخ حجرف الذويبي المتوفى سنة 1288هـ تقريباً.
2- أن قصة ذبح سبع الركائب تنسب لشايع الأمسح وليس لحجرف الذويبي.
3- أن الراوي المعاصر لم يستطع تسمية المصدر الذي نقلها عنه!…….. الخ.
ولحسن الحظ فلم يصمد ذلك الراوي كثيراً إذ سرعان ما انهار وأخبرني بالحقيقة التي مفادها ما يلي:
كان يعتقد أن الذي ذبح سبع الركائب لأهلهن الذين أرادوا اختبار كرمه هو حجرف الذويبي، فلما اجتمع في مجلس من مجالس شمر سمع القصة من أحدهم على أنها لشايع الأمسح الرمالي الشمري، فاعترض بشدة وقال إن القصة للذويبي، ولما طال النزاع طلب منه الحضور أن يثبت ذلك بقصيدة أو شاهد من الشعر الذي هو في نظرهم الدليل والاثبات، فطلب منهم أن يمهلوه يوماً أو يومين ليبحث لهم عن دليل شعري، ولكن الرجل الذي كان مصمماً على دعواه لم يجد مخرجاً لما وقع فيه من الاحراج إلاَّ أن يثبت ذلك بقصيدة من نسجه، فصنع القصيدة على لسان حجرف الذويبي وجعلها إكمالاً لقصيدته الأصلية.
وعندما التقى هذا الراوي مع خصومه في اليوم التالي ألقى عليهم القصيدة، فقالوا بلسان واحد وبعفوية المتلقي البسيط وسذاجته: نبرأ لله منها يا رجل، انتهت المسألة، أنت معك صك يا رجل!
وهكذا انطلقت الكذبة وصدقها صاحبها وروَّج لها هو ومن هم على شاكلته، وانخدع بها كثير من المخدوعين بالروايات العامية!

------------------------

أستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه

كل الشكر لك أخي معيض بن عريفج على تفنيد رواية القصيدة المنسوبة كذباً وتدليساً لحجرف الذويبي
والتي أريد بها إضافة شاهد تاريخي يمجد في قبيلة حرب وينسب لها أمجاداً وهمية مختلقة في واد الرمة وواد الدوم ومع الترك .. لا حول ولا قوة إلا بالله

الله يعطيك العافيه ابو وليد
على الطرح القيم

الله يعطيك العافيه ابو وليد
على الطرح القيم

الله يعطيك العافيه ابو وليد
على الطرح القيم
وبارك الله فيك

الله يعطيك العافيه اخوي ابووليد توضيح رايع
تقبل تحياتي

الله يعطيك العافيه ابو وليد



على الطرح القيم

الله يعطيك العافيه اخوي ابووليد