التوصيل المنزلي يجتاح المجتمع السعودي

[align=center]التوصيل المنزلي يجتاح المجتمع السعودي



إحدى السيارات المخصصة للتوصيل المنزلي
أبها: محمد البشري، نادية الفواز

تعتبر ثقافة "الهوم دليفري" أو خدمة توصيل الوجبات للمنازل من الثقافات التي اجتاحت المجتمع السعودي بشكل كبير حيث انتقلت خدمات توصيل الأطعمة من مطاعم الوجبات السريعة إلى نقل الوجبات الشعبية والمتنوعة التي أخذت تنقل هذه الأطعمة إلى المنازل وإلى أماكن العمل والمدارس والكليات وإلى الاستراحات. لدرجة أن المطاعم أخذت على عاتقها المنافسة بينها في طرق جذب الزبائن وعملت العديد من المطاعم على أن تكون هذه الخدمة مجانية. وتقدم هذه الخدمات أيضا للرجال العزاب في الاستراحات والى الموظفين.
وقال مدير أحد مطاعم في خميس مشيط شريف حسن إن 75 % من طلبات التوصيل المنزلي من السيدات مبينا أن طلبات الفطائر والبتزا تكون خلال فترة المساء وقال شريف إن المطعم يقدم أكثر من 29 نوعا من السلطات وذلك لكي تتكامل الوجبات صحيا كما يقدم خدمات الوجبات الساخنة، وقال إنه يتم دفع ريالين إضافيين على الفاتورة بسبب "الدليفري" وقال إن هناك تأثرا كبيرا بالدعايات التلفزيونية التي تحفز الكثير من السيدات لطلب المنتج وغالبا ما يكون هناك في فترة المساء زيادة في طلب توصيل المأكولات وقال إن زيادة الطلب من قبل السيدات قد تكون ناتجة عن عدم قدرتهن على الحضور للمكان مبينا أن التوصيل المنزلي أصبح خدمة في المطاعم العامة والبوفيهات الصغيرة والكافي شوب ومطاعم الكبسات ومطاعم البروست وهناك تنافس بين المطاعم في تقديم هذه الخدمات لإيصال الأكل للزبون مبينا أن المطاعم تقوم بتعيين موظفين لتوفير هذه الخدمة.
وقال أحمد الملا المسؤول عن هذه الخدمة في مطعم بأبها إن الطلبات على التوصيل المنزلي تتزايد بعد الساعة 6 وإن 80% منها لسيدات يطلبن المشويات والبروست والشاورما بكميات كبيرة بينما يكثر الطلب على الكبسات والوجبات الدسمة فترة الظهر.
ورأت المعلمة وفاء النهاري "معلمة بظهران الجنوب" أن الكثير من الموظفات يعتمدن على الوجبات الجاهزة و"الدليفري" في حياتهن اليومية وخاصة وجبة الغداء والتي تتطلب من الموظفة إعدادا مسبقا لها وقالت إن العديد من المعلمات يطلبن خدمات توصيل الطعام في العمل وخاصة الساندوتشات والفطائر واعتبرت أن الموظفات هن من أهم زبائن مطاعم الدليفري وقالت إن ربات البيوت أيضا يطلبن هذه الخدمة وخاصة عند وجود الولائم وعند مللهن من تكرار الطهي كما أن هذه الخدمة مفيدة وتحتاجها الزوجة في حال غياب الزوج.
وقالت رئيسة اللجنة النسائية لسيدات الأعمال في الغرفة التجارية الصناعية في أبها نورة الرافعي إن المرأة السعودية تحتاج فعلا إلى التعرف على ثقافة الغذاء ومكوناته وأهم الأغذية التي تساعد أسرتها وأطفالها على النمو وأن تعرف أيضا قدراتها المادية وتتصرف في غذاء بيتها بناء على هذه القدرات وطالبت المرأة بالترتيب والتخطيط لمصروفات بيتها مبينة أن الجميع يطلب "الدليفري" ولكنه لا يجب أن يتحول إلى عادة يومية ويمكن أن يتم الطلب مرة كل أسبوعين للأسر ذات الدخل المحدود ومرة في الأسبوع للأسرة ذات الدخل المعتدل مبينة أن بركة طهو الزوجة والأم لأولادها لا تعادلها بركة من حيث المنفعة والفائدة والنظافة وقالت إن الرجال أيضا يستفيدون منها وخاصة العزاب وقد يطلبها الزوج لرغبته في تناول أكلة معينة.
وذكرت رجاء إسماعيل (موظفة في مختبر مستشفى عسير المركزي) أن الخدمة مفيدة للموظفات وخاصة اللائي لا يستطعن تجهيز الأطعمة في وقت مبكر وخاصة في المناسبات وفي رمضان مبينة أنها لا يجب أن تكون إلا في وقت الضرورة حتى لا تتسبب في أضرار صحية عند الإكثار منها بسبب عدم نظافة المأكولات وعند كثرة الطلبات على المطاعم مما قد يؤثر على الجودة في الطهو, كما يمكن أن يصاب المريض ببكتيريا السلمونيلا التي تؤدي إلى التسمم ويمكن أن تؤدي إلى الوفاة، إضافة إلى مضارها بسبب وجود حشرات في بعض المأكولات إضافة إلى أثرها الاقتصادي السيئ على الأسرة.
وأكدت الدكتورة المنتدبة بكلية الاقتصاد المنزلي بجدة قسم التغذية الدكتورة بلقيس باخطمة أن خدمة "الدليفري" لابد وأن تكون ضمن قوانين لأن لها تأثيرا من النواحي الصحية والاجتماعية والاقتصادية والنهارية فاعتماد الزوجات على وجبات "الدليفري" في منازلهن يؤثر على العلاقات الاجتماعية بين أفراد المجتمع الذي اعتاد أفراده على تقديم الوجبات وتبادلها والتباهي بمهارة الطهو، فكثير من أفراد الأسرة يحبون أن يأكلوا من أيدي الزوجات بينما تبحث الزوجات عن الراحة من خلال طلب خدمات توصيل الأطعمة وقالت إن الزوج والأخ يفتخر بمهارة زوجته وأخته في صنع الطعام، إضافة إلى التعاطي بين الجيران في تبادل أصناف الأطعمة والتفنن في إعدادها، ووجود خدمات توصيل الأطعمة تحرم المجتمع والمرأة من هذه المتعة وهذا التواصل، إضافة إلى عدم معرفة مكونات هذه المأكولات وطريقة الطهو ومواصفاتها الصحية وقالت إن خدمات توصيل الأطعمة لم تقتصر على الوجبات السريعة بل تعدتها إلى الوجبات الشعبية مما يؤدي إلى زيادة أعباء اقتصادية ومالية على الأسرة مما قد يكبدها ميزانية إضافية إلى ميزانيتها الأصلية بسبب كثرة طلب هذه الأطعمة.
وبالنسبة للتأثيرات الصحية أشارت الدكتور بلقيس إلى أن هذه الأطعمة تعمل على زيادة الدهون الحيوانية لإعطاء طعم ورائحة مما قد يسبب على المدى البعيد السمنة. وأضافت: أننا نصرف على أطعمة تسبب لنا الأمراض.
وقالت إن هذه الوجبات الجاهزة تحرم الفتيات السعوديات من تعلم الطهو وممارسة التذوق فمعظم الفتيات يعجزن عن مسك السكين ولا يعرفن طرق طهو الأطعمة أو تذوقها وأصبحت الأسر ترغب في تناول الوجبات من خارج المنزل بغض النظر عن مدى ما تؤثر به على الصحة.
ووصفت باخطمة أن هذه الظاهرة بأنها ظاهرة بارزة وخاصة لدى الموظفات والمعلمات والممرضات وحذرت باخطمة من الإكثار من تناول هذه الوجبات مبينة أن الكثير من مطاعم الوجبات السريعة أجبرت من قبل منظمة الصحة العالمية بوضع شرائح الخضار ووضع المكونات.
وأضافت أن المشكلة أن المطاعم في السعودية تحولت إلى أماكن للنزهة كما أن الطالبات في الكليات والمعلمات في المدارس يطلبن هذه الوجبات ويعملن منها سفرا بحيث تحولت أماكن العمل إلى موائد كما أصبحت الكثير من السيدات يطلبن الوجبات ويحضرنها معهن إلى منازلهن وقالت إن الكثير من ربات البيوت يطلبن أيضا الوجبات من المطاعم وذلك لكسلهن عن طهو الوجبات لأسرهن مما أدى إلى إدمان الكثير من الأسر على طلب الدليفري من المطاعم رغم أن إعداد أي وجبة صحية لا يتجاوز نصف الساعة وكثير من الأسر تكون لديها طاهية ومع ذلك تطلب الوجبات من خارج البيت. وبينت أن تنظيم الوقت والإعداد لتجهيز الوجبات من أهم الأمور التي يجب أن تتسلح بها المرأة السعودية الموظفة والتي يمكن أن تجهز لوجبة الغداء من الصباح وتكمل إعداد وجبتها عند عودتها من العمل بدلا من تعريض أسرتها لخطر هذه الوجبات وأن يكون هناك وعي كاف لدى المرأة السعودية لتجنب أسرتها إدمان مثل هذه الوجبات. [/align]