بدون عنوان

[gdwl]
حدثني أحدهم وهو موظف يعمل ضمن طاقم السكرتارية تحت إمرة مدير شركة كبيرة، ويقول: في آخر ساعة من آخر يوم عمل قبل عطلة نهاية الأسبوع، أعطاني قبل أن يخرج ملفا مهما وسريا لكي أراجعه بدقة وأحرص عليه ثم أبعث به بواسطة البريد المستعجل لشركة أخرى كبيرة نتعاون معها في تنفيذ أحد المشاريع، وكان يترتب على وصول ذلك (الملف) أمور بالغة الأهمية.

ويمضي قائلا: أخذت أراجع البنود والأرقام عدة ساعات بعد أن خرج كل الموظفين، وبعد أن تأكدت من كل شيء، وزيادة مني على الحرص ذهبت به بنفسي إلى مقر البريد السريع وأودعته، وعدت إلى منزلي مطمئناً.

وفي أول يوم من أيام العمل ذهبت إلى مقر الشركة منشرح الصدر، وما أن دخلت إلى مكتبي حتى وقع بصري على (الملف) الذي بعثته موضوعاً على الطاولة، وصعقت وأخذت أتساءل: كيف حصل هذا؟! وعندما أمسكت الملف بين يدي، وإذا بي أقرأ ملاحظة من موظف البريد مكتوبا فيها: إن هنالك غلطا في كتابة العنوان، وازدادت خيبتي وإحراجي، وخصوصا أنني أعرف دقة وشدة مديري، وكيف لو علم أن الملف ما زال على مكتبي، والأدهى والأمر لو أنه عرف السبب الذي جعله يعاد.

وبينما كنت على هذه الحالة التي لا أحسد عليها، وإذا بالمدير يتصل بي من التلفون الداخلي، ولاحظت من نبرات صوته المرتبكة أن هناك حدثا جللا قد أصابه، وخشيت أنه قد مر على مكتبي قبل أن يدخل مكتبه وشاهد الملف، ولكنه قطع علي حبل تفكيري عندما قال يسألني:

هل تعتقد أن إدارة البريد قد أوصلت الملف بهذه السرعة للشركة الفلانية؟! قلت له بتردد: لا أدري؟! ثم سألني مرة أخرى: ألا تعرف أحدا في شركة البريد، وتطلب منهم الآن حالا أن يوقفوا إرساله؟!

تعجبت من كلامه وسألته بدوري: لماذا يا سيدي؟!

قال: لقد وقعت أنا في غلطة شنيعة في كتابة رقم من الأرقام، وهذا يترتب عليه خسارة مادية كبيرة للشركة، وخسارة معنوية كبيرة لشخصي، وأرجوك ثم أرجوك حاول بشتى الوسائل التي تستطيعها لاستعادة الملف قبل أن يصل للشركة، واترك جميع ما لديك من أعمال وانطلق الآن حالا لمركز البريد، وإذا كان الأمر يتطلب شيئاً من المال فلا مانع عندي.

ويستمر في حديثه لي قائلا: عندها تنفست الصعداء وحمدت ربي كثيرا قائلا له: حاضر أنت تأمر، وخرجت من مكتبي وأنا أكاد أرقص من شدة الفرحة، وتناولت (الملف) العزيز بين يدي وقبلته، حسنت من هندامي قليلا، وما هي إلا دقيقة واحدة ثم أخذت أخطو خطوات واثقة وقرعت الباب على مديري، وما أن شاهد الملف أحمله بيدي، حتى صرخ وهب واقفاً وكاد يسقط من شدة الفرحة، وأخذ يشكرني وزيادة منه بالشكر أخذني لأول مرة بالأحضان.

وبعدها سألني بتعجب: كيف استطعت أن تستعيده بهذه السرعة، فقلت له وأنا ابتسم: إنه من حسن الحظ أنني أخطأت بكتابة العنوان، والبريد هو الذي أعاده، هدأ قليلا وهو يهز رأسه، وأمرني بالخروج، وخرجت ممنياً نفسي بمكافأة مجزية.

وقبل نهاية الدوام في ذلك اليوم، وصلني من المدير خطاباً رسمياً شديد اللهجة مشيراً فيه إلى إهمالي بكتابتي للعنوان الخطأ، وجزاء لي جاء في الخطاب ما يلي: حسم (15 يوما) من راتبي الشهري، مع إنذار أنه لو تكرر مني ذلك الخطأ مرة أخرى سيتم فصلي.[/gdwl]

[align=center]من ناحية يستحق الحسم على العنوان الخاطأ والاهمال

وناحية اخرى كان المفروض من المدير تجاوز هذا الخطأ
لما وقع فيه هو اصلاً

لكن الله يعين بلشنا بالمدراء

مافيه قوي لا وهناك الأقوى منه[/align]