التبرع بالاعضاء اعادة الامل لأجساد انهكها المرض

عمل إنساني نبيل تؤيده الفتاوى الشرعية وينقصه «الوعي» بمفهومه وأهميته

التبرع بالأعضاء.. إعادة الأمل لأجساد أنهكها المرض!


المجتمع بحاجة لزيادة الوعي بأهمية التبرع بالأعضاء ودورها في إنقاذ حياة الغير



تحقيق – تركي العوفي



يُعد التبرع بالأعضاء سواء كان ذلك قبل الوفاة أو بعدها من الأعمال الإنسانية الجليلة والمحببة لدى الكثير من فاعلي الخير في هذا المجتمع، والتي يتحقق من خلالها بعد قدرة الله سبحانه وتعالى إنقاذ الكثير من المرضى الذين يحتاجون إلى زراعة أعضاء.
ومع تزايد الحالات سنوياً ازداد الوعي بأهمية التبرع بالأعضاء بعد الوفاة مما جعل البعض يبادر بتوثيق تبرعه بأعضائه بعد وفاته، وكان عضو هيئة كبار العلماء الشيخ عبدالله المطلق قد حسم الخلاف الفقهي حول التبرع بالأعضاء بعد الوفاة وذلك عندما أعلن تبرعه بأعضائه بعد وفاته، خلال حضوره ندوة حول دور المجتمع في مجال تعزيز التبرع بالأعضاء تبرعه بأعضائه ليقطع بذلك الجدل الذي يثار بين الحين والآخر حول مشروعية ورفض التبرع بالأعضاء، اذ صادق تبرعه على بطاقة التبرع الخاصة بذلك امام حشد من الحضور الامر الذي احدث تفعالاً كبيرا بين اوساط الحضور.
وأشاد صاحب السمو الملكي الأمير عبدالعزيز بن سلمان بن عبدالعزيز المشرف العام على جمعية الأمير فهد بن سلمان الخيرية لرعاية مرضى الفشل الكلوي "كلانا" خلال تلك المناسبة بدور العلماء في دعم فكرة التبرع بالأعضاء ومساهمتهم العلمية والفقهية في تبيين الجوانب الشرعية التي تحفز المجتمع للبذل والعطاء في هذا الجانب، سواء التبرع بالأعضاء او دعم الجمعيات الفاعلة في هذا المجال ابرزها جمعية "كلانا" التي تلقت فتوى بجواز استفادة مرضى الكلى من الزكاة التي كان لها بعد الله دور مهم وفاعل في ان تقدم الجمعية خدماتها الى مئات المرضى وجزء منهم يصرف عليهم من الزكاة.
وقال سموه خلال تلك المناسبة ان عمليات زراعة الكلى من غير الاقارب زادت بالعام نحو 10% أي ما يقارب 73 حالة اضافية وزيادة عمليات زراعة الكبد بنفس النسبة وبما يقارب 30 حالة في العام، كما أكد الشيخ صالح بن حميد عضو هيئة كبار العلماء وإمام وخطيب المسجد الحرام ان التبرع بالأعضاء قضية محسومة شرعا عبر فتوى من هيئة كبار العلماء والمجامع الفقهية، إلا ان ذلك يستلزم القطع بالوفاة الدماغية للمتبرعين، وهو ما يرجع فيه للأطباء ذوي الاختصاص. ويدرس حالياً في مجلس الشورى مقترح قدمته لجنة الشؤون الأمنية بشأن تعديل نظام المرور الصادر بالمرسوم الملكي رقم م/85 بإضافة مادة جديدة إلى الباب الرابع من النظام تنص على أن "تضمن رخصة القيادة رغبة السائق في التبرع بأعضائه من عدمه حال وفاته".
أحصائيات وأرقام
وقال د. فيصل شاهين –مدير عام المركز السعودي لزراعة الأعضاء-: إن آخر الإحصائيات المنشورة في التقرير السنوي للعام 2015م تؤكد أن عمليات زراعة الأعضاء داخل المملكة تزداد بصورة ملحوظة، حيث بلغ عدد المتبرعين الأحياء منذ بداية البرنامج وحتى تاريخه عدد (6300) حالة تبرع بالكلى، وعدد (700) حالة تبرع بجزء من الكبد، أمّا بالنسبة للتبرع من حالات الوفاة الدماغية فقد وصل مجموع عدد المتبرعين المتوفين دماغياً منذ العام 1986م وحتى نهاية العام 2015م عدد (1700) حالة تبرع يضاف إليها عدد (35) حالة تبرع منذ بداية هذا العام 2016م، مضيفاً أنه فيما يتعلق بالكلى المزروعة من الأحياء فمنذ عام 1984م وحتى تاريخه تمت زراعة أكثر من (2800) كلية في مراكز زراعة الكلى المختلفة في المملكة،لافتاً إلى أن أكثر عمليات زراعة في المملكة هي للكلى حيث تمت حتى تاريخه زراعة أكثر من (9790) كلية لمرضى الفشل الكلوي النهائي، تليها عمليات زراعة الكبد حيث تمت زراعة (1793) عملية زراعة كبد حتى تاريخه، يليها عمليات زراعة القلب حيث تم إجراء عدد (310) عمليات زراعة قلب، ثم عمليات زراعة الرئة حيث زرعت حتى تاريخه (182) رئة، ذاكراً أن أندر العمليات هي عمليات زراعة البنكرياس (35) عملية فقط.
بطاقة التبرع
وأوضح د. شاهين أن الكثير من المواطنين والمقيمين يأتون للمركز السعودي لزراعة الأعضاء أو يذهبون للمستشفيات المختلفة بالمملكة من أجل التوقيع على بطاقة التبرع بالأعضاء، مبيناً أن بطاقة التبرع بالأعضاء هي فكرة تعود للمقام السامي الكريم وتهدف إلى تشجيع السكان في المملكة على تعبئة استمارة تبرع تتيح للفرد بعد وفاته التبرع بأعضائه لمريض آخر قد يكون في أشّد الحاجة إليها، وهو ما يسهل على ذوي المتوفين الموافقة على التبرع بأعضاء متوفيهم احتراماً لرغبتهم الشخصية، مبيناً أنه بلغ عدد بطاقات التبرع بالأعضاء الموزعة منذ بداية البرنامج حتى تاريخه حوالي الأربعة ملايين بطاقة تبرع وهي متوفرة في جميع المراكز الصحية ووحدات الغسيل الكلوي، كما يقوم المركز بالتعريف بها وتوزيعها في المناسبات الوطنية والاجتماعية والعلمية المختلفة، ذاكراً أن بطاقة التبرع بالأعضاء تعتبر بمثابة تعبير عن رغبة المتبرع في التبرع بأعضائه ولا تعتبر وثيقة إلزامية لأخذ الأعضاء أثناء الحياة أو بعد الوفاة، وهو ما يسهل على ذوي المتوفى إعطاء الموافقة على التبرع بأعضاء ذويهم احتراماً لرغبته الشخصية، وفي الواقع فإن أي عائلة عندما تواجه صدمة الوفاة فإنها في الغالب تشعر بالارتياح عند إعفائهم من عبء اتخاذ مثل هذا القرار، بل إنها قد تشعر أيضاً بمزيد من الارتياح إذا علموا أنهم نفذوا رغبة من يحبون.
الجانب التوعوي
وأكد –مدير عام المركز السعودي لزراعة الأعضاء- على أن المركز السعودي لزراعة الأعضاء يقوم بالعديد من النشاطات والفعاليات لحّث وتشجيع أفراد المجتمع على التبرع بالأعضاء، ويتمثل ذلك في زيادة الوعي بأهمية التبرع بالأعضاء وزراعتها وذلك من خلال وسائل الإعلام المختلفة ودورها في إبراز الجوانب الإيجابية لبرنامج التبرع بالأعضاء والنجاحات التي وصل إليها هذا البرنامج بالمملكة، وكذلك زيادة الوعي بمفهوم الوفاة الدماغية وأنها تعادل الوفاة الشرعية، إضافةً إلى زيادة الوعي بالمشكلة المتنامية لمرضى الفشل العضوي النهائي، ومشكلة نقص الأعضاء، والعمل على تحقيق الاكتفاء الذاتي في هذا البرنامج الوطني النبيل، إلى جانب ضرورة مساهمة رجال الدين في وسائل الإعلام لدعم برنامج زراعة الأعضاء وجواز استئصالها والتبرع بها، وكذلك دعم المؤسسات الحكومية والهيئات غير الحكومية والمؤسسات الخيرية لبرنامج التبرع بالأعضاء وزراعتها في المملكة، وتكثيف الحملات التوعوية للكوادر الصحية والعامة وتفعيل دور الفرد والمجتمع نحو أهمية التبرع بالأعضاء وزراعتها، بالإضافة إلى تفعيل دور الإعلام الإيجابي في إيصال المعلومة الطبية الصحيحة لأفراد المجتمع ونشر ثقافة التبرع بالأعضاء وأهميته وإبراز الجوانب الإيجابية لهذا البرنامج.
برنامج تعاوني
وأشار إلى وجود برنامج للتعاون في زراعة الأعضاء بين المركز السعودي لزراعة الأعضاء ودول العالم في نهايات القرن الماضي بين عام 1996م وعام 2000م حيث أُبرم أول برنامج للتعاون مع دولة أسبانيا حيث كان يتم استئصال كلى من المتوفين دماغياً بأسبانيا وترسل إلى المملكة لزراعتها، وتزامن ذلك مع برامج تعاون بين المملكة ودول مجلس التعاون الخليجي، حيث تم حتى نهاية العام 2015م زراعة عدد (298) عضواً من أصل (333) عضواً تّم استئصالها من قبل فرق طبية سعودية من دول الكويت، قطر، البحرين، عمان، ودولة الإمارات، حيث كان يتم استئصال الكلى ويتم إبقاؤها للزراعة في هذه الدول وأخذ بقية الأعضاء (الكبد، القلب، والرئتين) لزراعتها في المملكة وذلك بسبب عدم وجود برامج زراعة مستمرة وفعالة حينها في هذه الدول. وفيما يتعلق بالآلية التي تستخدم للتنسيق بين المتبرع قبل وفاته أو مع أسرته بعد وفاته، يقوم الكادر الطبي والتمريضي بإيصال المعلومة الموثقة والثابتة لذوي المتوفين دماغياً عن الوضع الطبي للمريض وحصول الوفاة الدماغية، وعلى الطبيب أن يقوم بالاتصال بذوي المتوفى وتحديد موعد معهم للمقابلة، وبعد استقبالهم يتعرف على ما فهموه من الحالة الراهنة، وعند معرفتهم الطبية بحالة المتوفى دماغياً وبعد شرح معناها لهم يقوم بعدها المنسق الإداري وأخصائي الخدمة الاجتماعية بمقابلة ذوي المتوفى دماغياً والتحدث معهم من أجل إقناعهم على التبرع بالأعضاء والحصول منهم على موافقة كتابية بالتبرع بأعضاء متوفاهم خدمةً لإخواننا مرضى الفشل العضوي النهائي، مضيفاً أنه يتم تدخل المنسق الإداري أو المتحدث مع الأهل بعد وقتٍ كافٍ من تلقيهم خبر الوفاة الدماغية ومعناها، وذلك لضمان تفهمهم واقتناعهم بمبدأ التبرع بالأعضاء وحتى تتم الاستفادة من الأعضاء وزراعتها لمرضى الفشل العضوي، ومن ثم تسهيل جميع إجراءات المتوفين دماغياً المتبرع بأعضائهم وذويهم، حتى يتم دفنهم بالمملكة أو ترحيلهم إلى بلدانهم.
زراعة الأعضاء بالخارج
وحول فكرة إنشاء المركز قال د. فيصل شاهين: إنها جاءت بمبادرة المقام السامي بما لاحظه من كثرة أعداد المرضى الراغبين في السفر للخارج لإجراء عمليات زراعة الأعضاء وخصوصاً الكلى، وقد لاقت مبادرته النجاح من خلال إنشاء المركز الوطني للكلى بصدور الأمر السامي في 19/5/1404هـ وبعد جهود وسنوات طويلة تم إنشاء المركز السعودي لزراعة الأعضاء وتأسيسه ووضع السياسة العامة لبرامج زراعة الأعضاء في المملكة من اللجان العلمية والمتخصصة، وأصبح المركز مسؤولاً عن متابعة هذه السياسات وتطبيقها على أرض الواقع مع مستشفيات المملكة المختلفة ومراكز الزراعة، مضيفاً أن المركز السعودي لزراعة الأعضاء يقوم بالعديد من المهام على مستوى المملكة حيث يقوم بالتنسيق بين الخدمات المقدمة لمرضى القصور العضوي النهائي من قبل القطاعات الصحية المختلفة، وكذلك الإشراف على برامج زراعة الأعضاء، ومتابعة تنفيذ الإجراءات الواردة في دليل إجراءات زراعة الأعضاء المعتمد من قبل وزارة الصحة، كما يقوم المركز بالتنسيق والمتابعة لجميع حالات موت الدماغ المشخصة في مختلف مستشفيات المملكة لاستئصال الأعضاء من المتوفين دماغياً، هذا بالإضافة إلى إعداد المواصفات الخاصة بإنشاء مراكز زراعة الأعضاء في المناطق الصحية المختلفة بالمملكة وتقييمها باستمرار. وأشار إلى أنه يقوم المركز السعودي لزراعة الأعضاء بإعداد البحوث والدراسات في مجال الأمراض المؤدية لقصور الأعضاء النهائي، وتقديم خدمات صحية أفضل للمرضى، وكذلك إصدار النشرات المختلفة وتبادل المعلومات مع المراكز العالمية لمد جسور الصلات بينهما وبين المركز في مجال زراعة الأعضاء، حيث يهتم المركز بالجوانب التوعوية والإعلام الصحي، وكذلك يقوم بإعداد البرامج التدريبية وإقامة الندوات العلمية للعاملين في مجال زراعة الأعضاء.


نجاح بطاقات التبرع يتطلب توعية ونشراً لثقافة التبرع داخل المجتمع


الشيخ المطلق يصادق على تبرعه بأعضائه دعماً لهذا العمل الإنساني


التبرع بالأعضاء عمل إنساني نبيل


د. فيصل شاهين

جزاك الله خيرا

يعطيك الف عافية
وبارك الله فيك

الف شكر لك علي الطرح الهادف